مسقط - ملعب الشبيبة
يواجه قارب عمان للإبحار "مجان أيه 100" أعاصير ورياحا عاتية في وسط
المحيط الجنوبي خلال المرحلة الثالثة من سباق الرؤوس الخمسة والتي تنتهي
في فريمانتل بأستراليا، ويتعرض الطاقم في الوقت الحاضر لاختبارات صعبة في
ظل هذه الظروف المناخية القاسية وذلك بقيادة البحار بول ستاندبرج والبحار
الشهير سيدني جافينت وبحارين عمانيين آخرين ضمن هذا المسار الجديد الذي
يمهد لإقامة سباق كبير في العام 2012م.
وكان مجان قد غادر كيب تاون يوم 10 مارس وقطع أكثر من 2300 ميل بحري من
المرحلة الثالثة البالغ طولها 4600 ميل وأمامه خمسة إلى ستة أيام قبل
الوصول إلى فريمانتل. إقرأ مدونة مارك كوفيل أدناه والتي يصف فيها بإتقان
قوة المحيط الجنوبي.
وكُتب من على متن القارب مجان ما يلي: كانت الأيام الماضية أطول أيام مرت
علينا خلال الرحلة فعندما استيقظنا صباح اليوم الأول من العاصفة كان بول
ومحمد ومايك في المناوبة وكانت السماء رمادية مع زخات من المطر تلطف
وجوهنا. سرعة الرياح تتراوح بين 45 إلى 55 درجة أما الضوضاء فكانت أشبه
بتلفاز قديم يبعث بأصوات عالية مزعجة. كانت الأمواج تأتينا من الجانب
الأيمن والمياه تتطاير في السماء لتعود فوق القارب، ثم تأتي موجة لترفعنا
عالياً بين الحين والآخر وتأتي أخرى لترتطم بنا فيتمايل القارب .
وعلى الرغم من أنفعالهما في بعض الأحيان (مثلما يحدث لكل واحد منا) تعامل
محسن ومحمد مع العواصف برباطة جأش، حيث سبق لمحسن أن شهد رياحا بسرعة 51
عقدة في مضيق كوك خلال رحلته الأخيرة حول العالم ولكن لم يسبق له بالتأكيد
أن جرب ما شاهده يوم أمس، وقد أفاد بأن مجان استطاع امتصاص الرياح ومقاومة
الأمواج «كلما شعرت بالخوف أمسكت بالقارب بكلتا يدي وشعرت مباشرة باطمئنان
فالقارب مجان صلب وشامخ. ومن لا يتمسك بالقارب بقوة فقد يجد نفسه مرمياً
على الأرض بالتأكيد وليس بين الطاقم من لم يقض الارتطام مضجعه عدة مرات.
وفي النهاية استسلم الجميع ووجد كل واحد لنفسه مكاناً للنوم على أرض
القارب أو حشر نفسه بجانب المحرك، وكلما كانت المساحة أضيق جنبت نفسك
التعرض للجروح أو الارتطام أثناء النوم.
ولكن رغم تزايد شدة الرياح التي تعدت قوتها في بعض الأحيان 60 عقدة إلا أن
الأمواج بدأت تهدأ وترسم خلفها رغوة فضية فتأتي من خلفها أمواج جديدة أقوى
وأعنف لتحملنا عالياً مراراً وتكراراً. كما أصبح الهواء مشبعاً بزخات
الماء اللاسعة ومع كل شهيق تأخذه لداخل رئتيك عليك أن تزفر مقداراً من
الماء. ولذا نعتقد بأن الوقت قد حان لإنزال الأشرعة وتهدئة السرعة قليلاً.
ها هو شراع جيه 3 ينزل بهدوء وبعدها سيتم تقصير الشراع الرئيس وخفض حجمه
من مساحة ملعب التنس إلى مساحة طاولة التنس، ولكن إنزال الأشرعة يثير
الكثير من الضجة وهي عملية يرافقها تبلل القارب وارتطامه بشكل أكبر نظراً
لاهتزاز الأشرعة أثناء نزولها.و لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو:
لماذا إذن نتعرض لمثل هذه العاصفة في منطقة منخفضة الضغط؟ طوال القسم
الأول من هذه المرحلة كان طاقم مجان بانتظار الرياح القوية التي تدفعهم
عبر الأربعينيات الهادرة وتوصلهم لأستراليا بسرعة فائقة. ولكن كان لزاماً
عليهم أن يبحروا إلى الجنوب قليلاً وفي وسط العاصفة حتى يصلوا إلى منطقة
الضغط العالي. وكان ذلك أشبه بدخول الطريق السريع ثم الاصطدام بشاحنة كبرى
ومن ثم الركوب على نفس الشاحنة التي صدمتك لتصل إلى الجانب الآخر من منطقة
الضغط المنخفض واستغلال الرياح المتغيرة متعددة الاتجاهات لتأخذهم الى كيب
ليوان ومنه إلى فريمانتل في استراليا. ورغم أن هذا المسار لا يخلو من
المغامرة إلا أنه أعطى ثماراً جيدة ودفع بالقارب للأمام. إن شراع الجايب
الصغير نسبياً مذهل بحق فرغم سرعة الرياح العالية التي تتراوح بين 60 و 70
عقدة إلا أن مجان يقدم أداءً رائعاً.