مسقط - الشبيبة:
تحتفل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في 23 مارس من كل عام والأوساط
الدولية المعنية بالأرصاد الجوية معاً باليوم العالمي للأرصاد الجوية
إحياءً لذكرى بدء نفاذ اتفاقية المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في 23
مارس1950م وتتألف اليوم عضوية المنظمة من 189 بلداً وإقليماً وقد انضمت
السلطنة رسمياً إلى عضوية المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عام 1975م.
وسيكون شعار هذا العام "المنظمة العالمية للأرصاد الجوية – 60 عاماً من
العمل من أجل سلامتكم ورفاهتكم"، وهو يأتي في وقت تسعى فيه المجتمعات في
كافة أنحاء المعمورة إلى تحقيق أهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية،
لاسيما فيما يتعلق بالصحة والغذاء وأمن إمدادات المياه، والتخفيف من حدة
الفقر، كذلك من أجل تحسين مرونة هذه المجتمعات في مواجهة الكوارث الطبيعية
المتكررة، ومساعدتها على الاستجابة بطريقة استباقية إيجابية للتأثيرات
المتصاعدة لتقلبية المناخ وتغيره.
إن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أدركت على الدوام المخاطر المحدقة،
وقد أصدرت المنظمة بيانها لعام 1976 بشأن تراكم ثاني أوكسيد الكربون في
الغلاف الجوي، وتأثيراته المحتملة على مناخ الأرض الذي أسهم في تركيز
الانتباه على الاحترار العالمي وتغير المناخ الذي يُنظر إليه اليوم بصورة
واضحة باعتباره تهديداً رئيسياً للتنمية المستدامة بل ولبقاء البشرية
ذاتها.
وبعد مؤتمر المناخ العالمي الأول الذي نُظم في عام 1979 للنظر في التهديد
المحدق الذي يمثله تغير المناخ وتأثيراته المحتملة، أنشأت المنظمة والمجلس
الدولي للعلوم البرنامج العالمي للبحوث المناخية الذي انضمت إليه فيما بعد
اللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات التابعة لليونسكو.
وبالإضافة إلى ذلك، ونتيجة لمؤتمر المناخ العالمي الثاني (جنيف، نوفمبر
1990)، جمَّعت المنظمة قواها مع المجلس الدولي للعلوم وبرنامج الأمم
المتحدة واللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات التابعة لليونسكو من أجل
إنشاء النظام العالمي لرصد المناخ وعلاوة على ذلك، أطلق مؤتمر المناخ
العالمي الثاني عملية أدت إلى إنشاء اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن
تغير المناخ.
وتشكَّل تحدٍ رئيسي آخر في عام 1975 عندما جمعت المنظمة العالمية فريقاً
من الخبراء لإصدار بيان موثوق يحذر العالم من تآكل طبقة الأوزون
ستراتوسفير الحامية التي تشكل واقياً لنا من التعرض لقدر مفرط من الإشعاع
فوق البنفسجي. وأبرزت مسألة ثقب الأوزون أهمية القياسات الطويلة الأجل
التي بدونها سيستمر تأثر طبقة وكان بروتوكول مونتريال الناجم عن اتفاقية
فيينا مثلاً بارزاً على التعاون بين العلماء ومتخذي القرارات في هذا
السبيل.وتشكل الأخطار الطبيعية تهديدات خطيرة جداً لأمن البشر، لذلك كرست
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية جهوداً كبيرة لإقامة نظم إنذار عملية
واتخاذ إجراءات فعالة للتأهب أسهمت في خفض كبير لفقدان الأرواح الناجم عن
هذه الأخطار.
ولقد حرصت السلطنة منذ انضمامها للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية على أن
تكون مشاركاتها مثمرة في الاجتماعات المختلفة للمنظمة مما نتج عنه ترؤسها
لبعض اللجان التابعة للمنظمة ويرجع تاريخ الرصد في السلطنة إلى ما قبل عام
1900م حيث تبنته في ذلك الوقت المؤسسات الخاصة، فقد أنشئت عام 1893م أول
محطة للرصد الجوي في مدينة مسقط، كما أنشئت في عام 1942م ثلاث محطات أخرى
في كل من مدينة صلاله وجزيرة مصيرة وثمريت. وفي عقد الستينيات أيضاً أنشأت
شركة تنمية نفط عمان عدداً من المحطات في بعض المناطق الساحلية والمناطق
الداخلية.
أما البداية الحقيقية للأرصاد الجوية الحديثة فقد كانت في العهد الزاهر
لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله. وذلك
عند افتتاح مطار مسقط الدولي عام 1973م حيث تم إلحاق قسم خاص يعنى بعمليات
الرصد الجوي لخدمة الملاحة الجوية.
وفي شهر مارس من عام 1975، صدر أول تنبؤ جوي لحالة الطقس لخطوط الطيران من
المركز الرئيسي بمطار مسقط الدولي. ولم يمض سوى وقت قصير حتى أصبحت
الأرصاد الجوية تصدر تنبؤاتها لتفي بمتطلبات العديد من الجهات الحكومية
والخاصة، على سبيل المثال، سلاح الجو السلطاني العماني والبحرية
السلطانية. وامتدت خدمات الأرصاد الجوية في مايو من عام 1975م لتفي
باحتياجات قطاعات كبيرة من المواطنين بإصدار نشرة تنبؤات جوية روتينية
يومية أصبحت منذ ذلك الوقت كفقرة أساسية تبث عبر إذاعة وتلفزيون سلطنة
عمان باللغتين العربية والإنجليزية، وأيضا تنشر عبر وسائل الإعلام
المقروءة، مما جعل تلك الخدمة تحظى بترحاب وارتياح عميقين من قبل
المواطنين في السلطنة.
الإنجازات الحالية والخطط المستقبلية:
إن التطور الذي شهدته الأرصاد الجوية خلال التسع والثلاثين (39) سنة
الماضية يعد قفزة نوعية في جميع المجالات مما أهلها لأداء المهام المناطة
إليها على أكمل وجه وبأعلى المستويات. كما أولت الوزارة اهتمامها بتطوير
وتأهيل الكوادر العمانية لتواكب التطور السريع في الأجهزة والنظم
المستخدمة في عملية التنبؤات بحالة الطقس. ويعد موظفو شؤون الطيران المدني
ذوي مؤهلات علمية عالية حيث تم الاهتمام بتنمية الموارد البشرية منذ إنشاء
الأرصاد الجوية مما نتج عنه كوادر عمانية يمكن الاعتماد عليها في كل
المجالات وذوي خبرة لا يستهان بها حازت على التقدير المحلي والعالمي. ففي
مجال الأرصاد الجوية يوجد طاقم عماني بنسبة 100% في شتى المجالات وتوجد
كفاءات حاصلة على مؤهلات علمية عالية مثل الدكتوراه والماجستير
والبكالوريوس في علوم الأرصاد الجوية المختلفة ومثالنا في ذلك توجيهات
مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- حيث
أصدر تعليماته في عدة مناسبات للاهتمام بالموارد البشرية والاعتماد على
النفس في كل المجالات.وتعود دقة المعلومات التي تقدمها الأرصاد الجوية
لكافة القطاعات الحكومية والخاصة للتجهيزات المستخدمة في عملية التنبؤ
بالطقس ومن أهمها التنبؤات العددية العمانية حيث تم في عام 1999 بالتعاون
مع مركز الأرصاد الجوية الألماني استحداث نظم التنبؤات العددية وتدريب
الكوادر العمانية لتكوين قاعدة أساسية لمركز بحوث متخصص في مجال تطوير
التنبؤات العددية. وكانت حصيلة هذا التعاون حصول السلطنة على ثلاثة نماذج
للتنبؤات العددية خاصة بالسلطنة أحد هذه النماذج خاص بالتنبؤات البحرية،
وتعد هذه النماذج الأولى من نوعها في المنطقة. ويتلقى المعنيون بالتنبؤات
العددية تدريبا عمليا مع خبراء عالميين في مجال التنبؤات العددية في مركز
الأرصاد الجوية الألماني والجامعات المتخصصة. ونظراً لامتداد مساحة
السلطنة واختلاف الطقس من منطقة إلى أخرى الناتج عن الاختلاف المتباين في
التضاريس فقد أصبح من الضروري وضع شبكة للرصد الجوي لتغطية جميع مناطق
السلطنة. حيث تم إنشاء تلك الشبكة على عدة مراحل إلى أن وصل عددها إلى
(32) (اثنتين وثلاثين) محطة للرصد الجوي جميعها آلية، في حين يقع مركـز
التنبؤات الرئيسي بمطار مسقط الدولي، وتم تركيب رادار بحري لقياس ارتفاع
واتجاه الأمواج بالقرب من ولاية صور بالمنطقة الشرقية ليخدم الشركة
العمانية للغاز الطبيعي المسال ويساعد على عمل التنبؤات البحرية في
المنطقة بالإضافة إلى محطة الرصد البحري بولاية صحار (ميناء صحار) لقياس
مستوى الموج.
وفي 11 فبراير 2006 تم افتتاح مركز الامتياز لتدريب وتدريس تطبيقات
الأقمار الاصطناعية في مجال الأرصاد الجوية لدول غرب آسيا ودول الشرق
الأوسط بالتعاون المشترك بين المديرية العامة للأرصاد والملاحة الجوية
بشؤون الطيران المدني ومركز الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية
التابع لجامعة السلطان قابوس والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية والمنظمة
الأوروبية للتوابع الاصطناعية. وتم عقد 6 دورات رئيسية منذ افتتاحه
ودورتين خاصتين في استخدام تقنيات التعليم عن بعد والربط المباشر بين
مراكز التنبؤات ومراكز التدريب حول العالم. وكما هو معلوم أن الأقمار
الاصطناعية تقوم بتوفير الصور الجوية ومعلومات قيمة عن السحب والظواهر
الجوية. حيث يستلم مركز التنبؤات وعمليات الرصد صورة كل ربع ساعة من القمر
الاصطناعي الأوروبي وصورة كل ست ساعات من القمر الاصطناعي الأمريكي
بالإضافة إلى صور من القمر الاصطناعي الصيني. وبهذا الخصوص أبرمت الوزارة
اتفاقية مع المنظمة الأوروبية للأقمار الاصطناعية بموجبها تستلم السلطنة
صورا من القمر الاصطناعي الأوروبي (ميتيوسات) كل ربع ساعة.
---------------------------------------------
الخطط المستقبلية لتطور الأرصاد الجوية:
1. زيادة عدد محطات الرصد بما يتناسب وقوانين المنظمة العالمية للأرصاد الجوية والدقة الجغرافية للسلطنة لتشمل جميع ولايات السلطنة.
2. تطوير أنظمة التنبؤات العددية العمانية (الأجهزة والبرامج) واستحداث
تنبؤات موسمية وتنبؤات عددية متخصصة في التنبؤ بمسار حركة الأعاصير
المدارية ببحر العرب.
3. إنشاء شبكة لرادارات الطقس لمراقبة أجواء السلطنة ومراقبة تحرك
الأعاصير المدارية في بحر العرب.4. تركيب نظام ربط مباشر مع وزارة الإعلام
واللجنة الوطنية للدفاع المدني لبث النشرة الجوية.5. إنشاء مركز للتنبؤات
الجوية بأحدث التقنيات ضمن مشروع توسعة مطار مسقط الدولي.6. البدء في
تنفيذ المرحلة الأولى من مركز الإنذار المبكر المتعدد المهام بعد قيام
الحكومة بالتوقيع على مذكرة التفاهم للتعاون حول هذا المشروع.
