نواكشوط ـ أحمد ولد سيدي
يحتفل غالبية الموريتانيين بذكرى المولد النبوي الشريف وخاصة في
المدن والقرى والأرياف الممتدة داخل البلاد التي يشهد الاحتفال بالمولد
فيها سنة تتبع على نطاق واسع في موريتانيا، وسط حديث مستمر من كبار
الفقهاء في البلد بعدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي، التي يدور حولها
الخلاف في صفوف العلماء بين مطالبين بترجيح القول بتحريم الاحتفال بالمولد
النبوي والقائلين بالعمل به، وهو ما جعل النزر القليل من المواطنين في
العاصمة نواكشوط يدخل السوق بهدف شراء ملابس العيد وسط حديث واسع عن ضعف
الإقبال.
ويتزامن العيد هذه السنة مع قرار الحكومة الموريتانية بتعليق رواتب أكثر
من 4800 من عمال الوظيفة العمومية، وهو القرار الذي أثار جدلا واسعا بين
النظام الحاكم ومعارضيه ولم تعرف خلفياته حتى الساعة، بين من يتهم الحكومة
بالعجز عن أداء الرواتب ومن يتهمها بإقصاء بضعة آلاف من الموظفين عن عمد
وسابق ترصد وإصرار.
** ابتسامة ..وغضب!
بين يدي عيد المولد النبوي لهذا العام 2010 تعلو روح اليأس والقنوط كثيرا
من وجوه التجار والباعة المتجولين في العاصمة الموريتانية نواكشوط، لما
يرمقونه من ضعف في الإقبال وقلة على مستوى الطلب وبرودة في رغبة الشراء من
روادهم قبل حلول ذكرى المولد النبوي الشريف.
بينما ترتسم ابتسامة هادئة تحمل في طياتها المزج بين التحذير والإغراء
ويفهم من خلالها صدمة التعليق والإلغاء..خوف من عدم القدرة على شراء
البضائع والحاجات الضرورية، وإغراء بالرغبة في اقتنائها..وهو ما جعل
الكثيرين يتذمرون من طبيعة الإقبال ويضطرون لبيع بضائعهم بأثمان بخسة
للمشترين..وفي أحيان أخرى يحملون رجال الدين أو ما أسماه بعضهم "الدعاة"
(المتشددين) المسؤولية الكاملة عن إقناع العامة بأن الثاني عشر من ربيع
الأول ذكرى وليس عيدا..وهو ما يعتبره بعض الباعة أمر خلاف لا ضرورة
للتفصيل فيه.
** العيد في زمن الإفلاس
وسط السوق الكبير (كبتال) بالعاصمة نواكشوط تعرض الخمسينية "جرفونه بنت
موسى" ملابس النساء المعروفة محليا بـ"الملاحف"، وسط آمال كبيرة من العجوز
بأن تحظى بالنصيب الأوفر من الزبناء قبل يوم واحد على حلول ذكرى المولد
النبوي الشريف الذي يحتفل به عدد كبير من الموريتانيين على عموم التراب
الوطني".
وتقول "جرفونه" في حديثها مع مراسل صحيفة "الشبيبة" في موريتانيا "إن
انعدام الزبناء ميزة حظي بها السوق مع حلول "عيد المولد النبوي"، مقارنة
مع الأعياد الأخرى (عيد الأضحى، وعيد الفطر) حيث يختصر تعاطي الكثيرين مع
عيد المولد النبوي على الفرح به فقط دون الخروج إلى السوق لشراء الملابس
أو ذبح "شياه الغنم" كما هو الحال في الأعياد الأخرى".
وتضيف بنت موسى لـ"الشبيبة" وهي تلتفت يمنة ويسرة بعينيها بحثا عن إحدى
القادمات إلى السوق لشراء الملابس "إن النقص الملاحظ في الأوقية هذه
الأيام زاد من قلة الدخل عموما لدى جميع التجار في سوق الملابس، وتدعم بنت
موسى قولها بقضية قطع الرواتب التي طالت عددا كبيرا من عمال الوظيفة
العمومية والذي انتقل إلى مسامعها عن طريق بعض الزبناء، الذين يبدون
تذمرهم من قطع الرواتب وما خلفه من ضعف في الدخل الفردي لدى الغالبية
العظمى من المواطنين ".
** ضعف الإقبال
وغير بعيد من "جرفونه" يقف الشاب أحمدو ولد يرك أمام كومة كبيرة من ملابس
الرجال (الفضفاضات) وهو يردد القول ذاته "حل العيد ومستوى إقبال الزبناء
لا يزال دون المستوى الذي اعتدنا عليه خلال الأعياد الأخرى، حيث لم يأتنا
الطلب من الرجال للملابس التي كانت تشهد ازدهارا كبيرا في زمن الأعياد".
ويحمل ولد يرك في حديثه مع مراسل "الشبيبة" من أسماهم بـ"الدعاة"
(المتشددين) مسؤولية عدم الإقبال على الملابس من طرف الزبناء، قائلا إن
الحديث المستمر من طرفهم على ترجيح القول بتحريم الاحتفال بالمولد النبوي
الشريف وجعله ذكرى للعبادة فقط، قلل من أهميته لدى المواطنين، فلم يعودوا
يحتفلون به كما كانوا يفعلون في سنوات الماضية".
وتنظم هذه الأيام مجموعة من المؤسسات الثقافية والدعوية أمسيات وندوات
ثقافية وإبداعية في موريتانيا تخليدا لذكر المولد الشريف، كان آخرها
الاحتفال الذي نظمه مركز "حراء" الثقافي التركي في نواكشوط وكرم على هامشه
الشعراء الفائزين في مسابقة المديح التي نظمها المركز قبل فترة.