* الدكتور خالد الزدجالي: الدول المنتجة للأفلام في رقي مستمر وغدى من الصعب اللحاق بها.
* صالح كرامه: مطلوب النبش في القضايا وطرحها فنيا.
* علي شاهين: ضرورة وجود مؤسسة قومية للسينما تحتضن السينمائيين.
* ممدوح سالم: الأفلام الخليجية فرضت نفسها كسينما مستقلة.
كتبت - مديحة عثمان
رغم أن بداية السينما في الخليج كانت منذ الثلاثينيات من القرن المنصرم،
إلا أن السينما لم تصنع لها قاعدة تستند عليها وتبني عليها ما يمكن أن
يطلق عليه بصناعة سينمائية، كما أكد بعض المخرجين من دول الخليج مما
التقينا بهم في السطور التالية، وأشاروا إلى أن النتاجات السينمائية منذ
يومها وحتى الآن لا تتعدى كونها تجارب ومحاولات المجازفين من الأكاديميين
والهواة.
حيث لم تفلح محاولة الاستمرار في الإنتاج باعتبار أن التجارب كانت وليدة
الإنتاج الذاتي، في ظل غياب الدعم الحكومي، وأيضا نقص الكوادر السينمائية
التي نتج عنها غياب الخطاب والثقافة السينمائية، وفي السطور القادمة،
نحاول أن نقف مع المخرجين من دول الخليج عند الموقع الحالي للسينما
الخليجية لنقدر نسبة تطوره، وأيضا لنعيد النظر في الإنتاجات السينمائية
خلال السنوات القليلة الماضية، بالإضافة إلى الحوافز التي تحتاجها لتواكب
التطور الذي تشهده الصناعة السينمائية في العالم، فإلى التفاصيل:
بداية حدثنا الدكتور خالد بن عبدالرحيم الزدجالي مدير مهرجان مسقط
السينمائي عن الموجة السائدة من الأفلام في دول الخليج، فذكر أن الأفلام
القصيرة ورغم أنها ليست بحديثة العهد على العالم إلا أنها أصبحت من أكثرها
رواجا في الدول العربية، لقلة تكلفة صناعتها، وبالتالي فتحت المجال أمام
طلبة الكليات من الهواة والأكاديميين وأيضا شركات الإعلانات والتي ساعدت
على تنشيط هذه النوعية من الأفلام، مشيرا إلى أن الأفلام القصيرة هي
الرائجة في دول العالم بدليل أنه وخلال العشر سنوات الأخيرة تم تأسيس أكثر
من 150 مهرجانا دوليا للأفلام القصيرة وهذا اعتراف عالمي على أن الفيلم
الروائي الطويل صعب إنتاجه ما عدا الدول التي دخلت السوق منذ البداية مثل
أمريكا، ومصر، وألمانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، والاتحاد السوفييتي، وفي
الكفة الأخرى الهند واليابان والصين من دول شرق آسيا.
** صناعة قاعدة..
ويضيف: "الدول الأخرى لن تدخل منافسا لتلك الدول أبدا، إنما ستدخل كتجارب،
وتلك التجارب لن تتعدى التجربة والتجربتين تتوقف بعدها، وتقنيات الإثارة
والإبهار البصري التي تعتمدها الدول المنتجة للأفلام في رقي مستمر وقد
رصدت لها ميزانيات تصل إلى مئات الملايين، لذا أصبح من الصعب اللحاق بها،
وهي حقيقة أدركتها سوق السينما في أوروبا فتوقفت واختارت لها مسارا آخر
تسير عليه للحاق بالركب وهي إنتاج أفلام خاصة بالمهرجانات".
واختصر العوائق التي تقف حائلا أمام بزوغ شمس النهضة السينمائية في الخليج
في ثلاثة نقاط هي غياب "الإمكانيات المادية"، و"الكوادر البشرية"،
و"الجمهور" وفصل الحديث فيها قائلا: "لو عرض فيلم خليجي في دور السينما لن
يلقى إقبالا جماهيريا بقدر عرض فيلم أمريكي أخضع كل إمكانياته لإبهار
المشاهد، فالسينما تسلية قبل أن تصبح قضية وقصة، وبانعدام المفهوم الأول
تصبح أفلامنا باهتة ولن تثير المشاهد، وبالنسبة إلى نقص الكوادر البشرية
أقول إن إنشاء معهد سينمائي لن يحل المعضلة، لأن الخريجين لن يجدوا من
يحتضنهم وأقصد هنا مؤسسة سينمائية تهتم بالعمل السينمائي، وحول الإمكانيات
لابد من تعاون عدة جهات حكومية لتكوين قاعدة ثم تشجيع الشركات لدخول
الاستثمار وإيجاد أسواق للأفلام، ولابد من وجود سوق للفيلم لتسويقه
خارجيا، والأخير يقودنا إلى أمر آخر وهي ضرورة الاستعانة بأفكار ذات سمة
عالمية تسوق في كل مكان".
ويقترح الحلول الآتية من أجل الرقي بالنتاجات السينمائية: "إيجاد القاعدة
هي الخطوة الأولى نحو صناعة سينمائية حقيقية التي منها تتولد رغبة الناس
في مشاهدة الأفلام السينمائية، ثانيا وجود الشركات التي ترغب بالدخول في
مجال الاستثمار عوضا عن رصد ميزانيتها للجوانب الإحتفالية والمهرجانات،
وأخيرا لابد من تغيير سلوكياتنا إتجاه الفن، بحيث لا نعتمد على التلفزيون
كوسيلة وحيدة للفن".
** طرح فني للقضايا..
وحيث يتفق المخرج الإماراتي صالح كرامة العامري الذي يشارك في مهرجان مسقط
السينمائي بفيلمه "حنة" الذي سبق وأن شارك فيه في عدد من المهرجانات
الدولية على أن السينما في الخليج هي محاولات وتجارب، ويتحدث عن أهمية
المنظور الفلسفي للسينما فيقول: "هي ليست صناعة هي محاولات قد تصل إلى
الطموح وقد لا تصل، هناك تجارب جريئة في السينما والجرأة ليس القصد منها
السطو على الموروث ولكن هي طرح فلسفة ماذا نريد أن نقول من خلال الفيلم،
أن ننبش في أعماق القضايا التي تؤرق المجتمع وأن نطرحها بصورة فنية،
ومشكلتنا أننا ندور حول مشكلاتنا حذرين وندخلها بشكل مدرسي، والسينما
فلسفة لها أدواتها وبالتالي يفترض أن يكون الطرح فنيا، وهو ما نطمح أن
نراه في أعمالنا القادمة".
** بادرة طيبة..
ويصف المخرج البحريني علي شاهين النتاجات السينمائية في الخليج خلال
السنوات القليلة المنصرمة بـ"حركة الهواة"، ويقول عنها: "حركة الهواة في
ازدياد مستمر، فالشباب من الهواة لهم إنتاجاتهم التي يعكفون على عرضها في
المهرجانات الخليجية والدولية ويحصدون على إثرها جوائز ومراكز متقدمة،
ورغم أنها تظل محاولات متواضعة فهي بادرة طيبة ولها صدى واسع".
ويواصل حديثه قائلا: "السينما وأقصد هنا الصناعة، فهي تحتاج إلى دعم حكومي
قبل أي شيء آخر، وهو أمر يقع على عاتق وزارات الثقافة في دول الخليج، وهذا
يقودنا إلى أمر آخر وهو ضرورة وجود مؤسسة قومية للسينما ترصد ميزانية
معينة لإنتاج أفلام روائية طويلة وغيرها، وتحتضن السينمائيين وتفتح لهم
أبواب المشاركات العالمية، وأيضا حين نتحدث عن السينما فنحن نتكلم عن
كتابة سيناريو ومونتاج، وإضاءة وتصوير، وكلها مراحل غير موجودة في الخليج
لكن هناك تقنيات حديثة أخذت مقامها وهي تنفع للأفلام، ولكن هذا لا يلغي
أهمية وجود معاهد تخرج أكاديميين في تلك المجالات".
** سينما مستقلة..
وختاما، يشير المخرج السعودي ممدوح سالم الذي يشارك بدوره في مهرجان مسقط
السينمائي كعضو لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية والقصيرة، إلى أن السينما في
الخليج أشبه ما تكون إلى السينما المستقلة، مضيفا: "السينما في الخليج
أشبه ما تكون إلى السينما المستقلة التي تعتمد على الأفلام القصيرة
والوثائقية وهناك العديد من المخرجين العالميين كانت بداياتهم مع تلك
النوعية من الأفلام، وحقيقة فقد استطاعت السينما الخليجية أن تفرض نفسها
وتثبت جدارتها في هذه المؤسسة، إنما لا يعني هذا بتاتا عدم حاجتنا إلى
إنتاج أفلام روائية طويلة، ولكن يحول ظهورها عدة عوامل منها عدم وجود
البنية الأساسية مثل أكاديمية سينمائية ترسخ جهودها من أجل تخريج أجيال
أهلا لصناعة قاعدة تبنى عليها الصناعة السينمائية".