دانييل كورسكى
يحب الاتحاد الأوروبي القمم، ومن يعتقد غير ذلك يكفيه أن ينظر الى ما
فعله الاتحاد الأوروبي عندما لم يحضر الرئيس الامريكي باراك أوباما قمة
الاتحاد الأوروبي- امريكا التي كانت في مايو الماضي في مدريد. ولو أن
الاتحاد الأوروبي يريد أن يُنظر له بجدية وأن يكون له أثر ملموس وتأثير
ملحوظ عليه أن يتعلم أن الحديث عن الأمور الصائبة ليس مكونا من مكونات
اتخاذ الشكل الصائب من التحرك والفعل.
وما من منطقة في السياسات توضح هذا الشغف من قبل الاتحاد الأوروبي
بالحديث أكثر من التحرك والفعل أفضل من ملف باكستان. فقمة باكستان –
الاتحاد الأوروبي ستنعقد في العاشر من أبريل القادم، وهي متابعة للقاء بين
االطرفين الذي كان في الخريف الماضي. لكن من الصعب استخلاص أي معلومات عن
هذا الحدث، حيث إنه ما من أحد يقول بقيادته له: لا هيرمان فان رومبوي،
رئيس المجلس الأوروبي، ولا الليدى اشتون، منسقة السياسة الخارجية في
الاتحاد، ولا حتى رئيس وزراء اسبانيا خوسيه زباتيرو، الذي تتولى بلاده
حاليا رئاسة الاتحاد الأوربي، والذي دفع بأسبانيا الى الحلبة في الكثير من
الملفات.
والسبب بسيط: ما من جديد ليقوله الاتحاد الأوروبي أو يطرحه. فباكستان
من ناحية بحاجة ماسة الى خبرات الاتحاد الأوروبي فى التدريب. لكن أي نشر
للمدربين يُنظر له على أنه خطير ومكلف، ومحتمل أن يفشل. وبدلا من أن تمضي
الدول الأعضاء فى الاتحاد في برنامج التدريب لقوات الشرطة الباكستانية تحت
مظلة الاتحاد، من المتوقع لهذه الدول أن تمضي في ذلك كل دولة بمفردها.
فالاتحاد الأوربي من غير المحتمل أن يغير بشكل كبير من سياسات المساعدات
وبرامج التنمية الموجهة الى باكستان. وتظل أسئلة المقدرة والفساد وضمان
الجودة بلا جواب، ومع منح امريكا مبلغ مليار دولار امريكي لباكستان سنويا
لمدة خمس سنوات، ليس من المحتمل أن يكون لأي تغيير في موقف الاتحاد
الأوروبي أية أهمية كبيرة.
هناك أيضا مسألة الرئيس الباكستاني آصف زرداري وحكومته. فمنذ أن بدأت
فترته الرئاسية الأولى في سبتمبر 2008، وجد زرداري أنه من الصعب عليه أن
يثبت أركان سلطته. ومثل من سبقه، مثل الرئيس برفيز مشرف، هو في خطر أن يقع
ضحية لموجة من مناهضة امريكا في باكستان، يشعلها الغضب الباكستاني من
السياسات الأمريكية في أفغانستان، خاصة الهجمات الجوية بالطائرات بلا طيار
والعمليات السرية. وبخلاف مشرف، لا يمكن لزرداري أن يعتمد على عون الجيش
له، والذي يظل أقوى مؤسسة في باكستان. فلقد كانت ردة فعل الجيش الباكستاني
عنيفة عند أول محاولة من قبل الحكومة لتقليص سلطاته. ولأنه يرى ضعف زرداري
جيدا، يقال إن المنافس السياسي اللدود نواز شريف يخطط للعودة السياسية.
وبالنظر الى هذا السياق، ستأتي قمة باكستان – الاتحاد الاوروبى
وتذهب، وبالكاد يشعر بها العالم. وسيظل الاتحاد الأوروبي لاعبا صغيرا فيما
يتعلق بالشأن الباكستاني. فحتى امريكا النشطة في هذا الشأن تجد صعوبة
كبيرة في الوصول الى أهدافها. فباكستان تفسر المعونة الأمريكية البالغة 7
مليارات دولار كتدخل فى الشأن الأمريكي، وليس حسن نية من أمريكا. وأمريكا
تنظر ولا تعترض. فلم يكترث الاتحاد الأوروبي؟
ربما هناك ثلاثة اسباب. الأول هو أن الاتحاد الأوروبي بحاجة الى أن
يركز على باكستان لأن الإرهاب في باكستان يركز على دول الاتحاد الأوروبي.
ففي التقييم الاستخباراتي الذي أجراه الاتحاد الأوروبي في 2009، جاء أن
باكستان حلت محل العراق كمقصد مفضل للمتطوعين الراغبين في الانخراط في
الكفاح المسلح. السبب الثاني هو أن الاتحاد الأوروبي عليه أن يكون صاحب
سياسة خاصة به فيما يتعلق بباكستان، وألا يكتفي بدور الداعم للسياسات
الامريكية هناك. والسبب الثالث هو أنه بالرغم من الجهود المبذولة
والمعونات المقدمة، من غير المحتمل ان تمكن امريكا بمفردها من تحقيق
أهدافها.
ولو يرغب الاتحاد الأوروبي حقا في أن يصبح لاعبا عالميا حقيقيا له
ثقل تلجأ اليه أمريكا وتعتمد عليه كشريك موثوق فيه يعتمد عليه، ما من فرصة
أفضل من قمة باكستان- الاتحاد الأوروبي ليبدأ منها الاتحاد الأوروبي في
التخلي عن الكلام والاهتمام بالأفعال.
