كتب - محفوظ بن خميس السعدي
من الخطأ الاعتقاد بأن القلعة أو الحصن يظل حصنا أو قلعة شبه مهجورة يزورها بعض السياح بين الفينة والأخرى، وبالتالي يظل الحصن بعيدا وحيدا يقبع أمام بابه حارس بحزام من الرصاص يلف خصره وبندقية يحرس بها الحصن والقلعة من المتطفلين لا أكثر ولا أقل وبصراحة ما دعاني إلى هذا القول هي الجهود الملموسة والبناءة من قبل وزارة السياحة وبالتعاون مع وزارة التراث والثقافة في عملية إحياء بهجة السور الطيني في تلك الحصون المنتشرة في أرجاء السلطنة .
فحصن الفليج خير شاهد ودل على تلك الجهود وذلك بما يمثله من دور تاريخ وبرؤية حكيمة في الاستفادة من الإمكانيات الهائلة والمتوافرة فيه من حيث البنية الأساسية الهندسية الرائعة الجميلة في فن العمارة العمانية على مدى الأزمان. حقيقة بينما كنت أجلس مع صديقي في كومة من قشات الكتب نتداولها ونبحث فيها وهو طبع رجل متمرس ومتمكن في المطبوعات ومنغمس فيها ويعمل في إطارها لفت نظري إلى أن احتفالية جميلة تقام في حصن الفليج خصوصا من الأعمال الرائعة التي أحبها وهي فيروزيات بصوت جميل قادم من الجنوب اللبناني فكانت نزهة جميلة مع نزيهة في دفاتر وأوراق سيدة الغناء والطرب فيروزيات والتذكير في فصوص المخ بذاكرة أمة مبدعة .
فحضرت جانبا من الحفل الذي أقيم في هذا الحصن وحقيقة على الرغم من أني سمعت الكثير عن المناسبات التي تقام في هذا الحصن وهي فكرة صائبة في استغلال تلك الشواهد العمرانية الشاهدة على روعة الحضارة العمانية ولكن بعد الولوج إلى ذلك الحصن الذي كانت لي زيارات بسيطة له وهو خال من الحضور الهائل الذي شهد أمسية فيروزيات، اتضح لي بأن الاستعانة بتلك الحصون لإقامة أمسية ثقافية ومعرفية وتراثية عمل منجز رائد وجميل ، وأن وزارة السياحة بما تقوم به من قيادة رائدة للنشاط الثقافي والسياحي في البلاد من خلال إشراك عدد كبير من رواد الثقافات العالمية من حيث معرفة التراث الثقافي والغنائي في شكل أمسيات تقام على مسرح حصن الفليج ومسرح المروج يجعل الفائدة تعم جميع محبي البحث عن المعرفة الثقافية والتعرف على ثقافات شعوب العالم .
والحقيقة أن الاستعانة بالحصون مثل حصن السنيسلة بولاية صور وحصن الخندق بولاية البريمي وغيرهما من الحصون والقلاع المنتشرة في أرجاء البلاد في احتضان الفعاليات التي تنشدها وزارة السياحة أو أية جهات معنية بالثقافة والسياحة هو أمر يحتاج إلى الكثير من العمل والجهود لنشر هذه الفعاليات في معظم الحصون الأخرى حتى لا تكون مهجورة وبالتالي تعم هذه الفكرة وتنعكس الاستفادة منها في كافة أرجاء المجتمع العماني فالشروع في العمل على احتضان هذه الفكرة بإشغال الحصون والقلاع الأخرى بإقامة مناشط في قاعاتها أو قريبة منها أو خارج هذا الحصون شيء جميل يجعل ذلك الأمر أمرا توثيقيا لتلك الحصون والقلاع والسماح لمن لم يزر هذه القلاع والحصون بالزيارة والتعرف عليها من خلال الحضور لتلك النشاطات والفعاليات الثقافية ، وبالتالي لن تكون مهجورة والزيارة إليها في فترات متباعدة، فحسنا فعلت وزارة السياحة.