كتبت - تـركية الـبـوسـعيدي
ظاهرة العنف في المجتمعات العربية ظاهرة جديدة وغريبة لم تعرفها مجتمعاتنا
قديما ... حيث كانت الأسرة العربية أسرة متماسكة على الحب والتعاون رغم
شظف العيش وصعوبة الحياة وكانت الأسرة تقنع بالقليل ولا تنظر إلى ما يملكه
الغير من جاه وغنى... ونادرا ما نسمع عن حالة طلاق في الأسرة... ولم نسمع
عن الجوع شيئا الكل ينام وهو شبعان... اليوم وفي الانفتاح الواسع التي
تتمتع به المجتمعات حيث أصبح العالم قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا وما
أحدثته من انقلاب معلوماتي كبير ... وهنا زادت الأطماع والحسد وزادت
معدلات الجريمة بصورة مخيفة... الزوج المتهم الأول في ضرب وإهانة الزوجة
لأسباب تصل إلى حد الضرب والإهانة وطرق ضرب الزوجة باللطم على الوجه أو شد
الشعر أو الركل بالقدم أو الإهـانـة بـالتحقير بها والتقليل من شأنها أو
باللفظ كالسب بأقذع الألفاظ وهذا كله يحصل أمام أعين الأطفال وأعرف امرأة
طلقها زوجها وطردها خارج البيت بقميص النوم لمجرد أنها سمعته يعاكس إحدى
الفتيات فأرادت مناقشته فطلقها وطردها هذه إحدى القصص من مئات غيرها...
أيضا تسلط الأب واستبداده في حرية ابنته حيث يستغل راتبها ويمنعها من
التصرف فيه ... ويحرمها من الزواج بحجة أن الزوج سوف يأخذ راتبها ويتحكم
هو فيه ويحرم والدها منه... ثم يأتي عنف الأخ لأخته حيث يشك في سلوكها
فيقتلها اعتقادا منه أنها تعرف شخص ما كما هو يعرف فتيات ... وهنا القضاء
في بعض المجتمعات لا تجرم هذا القتل وتعتبره دفاعا عن الشرف فقط تحكم عليه
بالسجن ثلاثة أشهر وهذا مطبق في محاكم سوريا والأردن ثم يأتي زوج الأم حيث
يعتدي جنسيا على ابنة زوجته ، وفي هذه الحالة تخاف هذه الفتاه إخبار
والدتها حتى لا تطلق أمها فترضى بالسكوت مما يجعل هذا الرجل يتمادى في
فعلته أو أن الأم تعرف فتفضل السكوت خوفا من الفضيحة ... يعزوا علماء
الاجتماع هذه الظواهر إلى:
1) الشعور بالإحباط والقهر والظلم والعجز عن مواجهة الظروف .
2) أيضا البطالة لها دور كبير وفاعل حيث يواجه الشباب الخريج من الجامعات
بصدمة قوية حيث يبحث عن عمل ولا يجده مما يضطر لقبول أي عمل دون مستوى
تخصصه ودون مستوى تحقيق طموحه مما يهديه عقله إلى السرقة أو القتل من أجل
تحقيق طموح مادي سريع .
3) الفقر والجهل وعدم الرضى بالمقسوم سبب لوقوع الجريمة.
4) عدم وجود الواعز الديني لدى كثير من الشباب.
5) أيضا نلاحظ أن للإعلام دور في تفشي الجريمة حيث يبث التليفزيون لقطات
لفتيات شبه عاريات أو يبث مسلسلا فيه كثير من الغنى الفاحش سواء عن طريق
البيوت أو القصور التي تظهر في المسلسل أو طرق العادات الحديثة من حيث
أسلوب الحياة ، أسلوب الكرم ، ارتداء الملابس الخليعة كل هذه طرق قريبة
وسريعة أن تخرج الشاب عن طوره المعتاد ، كل هذه العوامل غيرت من سلوك ونمط
الحياة ونلاحظ أن مرتكبي الاعتداء الجنسي أو القتل أو السرقة من الشباب
التي تبدأ أعمارهم من 18 عاماً إلى 30 عاماً ... كما جاء في تقرير المراكز
البحثية في مصر أن الفراغ والبطالة وعدم توفر فرص العمل كانت السبب في
حدوث الجرائم ، والحالة تزاد سوءا حين نعلم حسب الإحصائيات لعدد سكان مصر
بين 2008م ، 2009م وصل العدد إلى ( ثمانين مليون ) فرد وإن ( 11 مليونا )
يعيشون في مناطق عشوائية وفي أوضاع متدنية ، وهي بيئة مناسبة لتخرج
الإجرام وحالات العنف ، وإن ( 20 ألف حالة اغتصاب ) حدثت بين عامي 2008م
20009م ، وهؤلاء الشباب من العاطلين عن العمل ، ووصلت نسبة البطالة في
المجتمع المصري إلى ( 9,4% ) خلال الربع الأول من عام 2009م ، حيث يعاني (
10 ملايين ) من البطالة ، وظهرت أيضا حالات عنف جديدة كتبادل الزوجات
والتلصص والتصوير عبر البلوتوث في مجتمعاتنا ،لا بد أن تتضافر الجهود من
قبل الحكومات وإن تسن قوانين رادعة ومشددة حتى نتفادى من انفلات السلوك
السيئ الذي آل إليه أبناؤنا ، وإن تشدد المحاكم أحكامها على هؤلاء الأزواج
الذين يقترفون أشنع الجرائم في حق الزوجة والأبناء أيضا لا بد للحكومات أن
تجد سبيلا في ايجاد وظائف وخلق عمل جيد للشباب الخريج لأن البطالة والفراغ
وعدم العدالة يؤدي إلى خلل وعدم توازن وخلق طبقات متفاوتة كل هذا من شأنه
أن يخلق عنفا جديدا يضاف إلى ما سبق ذكره فوجود فرص عمل جيدة تبني وتحقق
للفرد ذاته وتجعله إنسانا مبدعا فعالا غير عنيف .
أحـلـى الكلام
إسـداء الجميل
قال ابن المقفع: إذا أنت أسديت جميلاً إلى إنسان فحذار أن تذكره وإن أسدى إنسان إليك جميلاً فحذار أن تنساه.
كاتبة وشاعرة عمانية