ترودي روبين
هل سيحدث أن تثق الولايات المتحدة وباكستان كل منهما بالأخرى بما
يكفي للتعاون الكامل في محاربة طالبان و القاعدة؟ كان هذا هو السؤال الذي
تردد الأسبوع الماضي في الحوار الاستراتيجي عالي المستوى بين كبار
المسؤولين في كلا البلدين، والذي يهدف إلى وضع علاقتهما الشائكة على أساس
جديد أعمق. ورغم أن الوفد الباكستاني كان يرأسه وزير خارجيتها اللبق شاه
محمود قرشي، فقد ضم أيضا قائد جيشها القوي الصارم الوجه أشفق كياني.
وعدت واشنطن بتسريع توصيل المساعدات الاقتصادية والمعدات العسكرية، بجانب
تعويض باكستان عن جهودها المتزايدة في قتال المسلحين على الحدود
الأفغانية. "هذا يوم جديد،" هكذا أعلنت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون،
التي تأمل أن تقلص من عجز الثقة بين البلدين. ولكن هل هناك ما يدعو
للاعتقاد بأنه عندما يتعلق الأمر بمحاربة المسلحين فإن مصالح البلدين
تتلاقى؟
المتشككون كثيرون. لقد كانت واشنطن مستاءة في الماضي بسبب تركيز باكستان
على عدوها اللدود، الهند، وعدم نيتها في استئصال طالبان أفغانستان
والقاعدة من مرافئهما على طول الحدود الأفغانية. لقد كانت باكستان تساعد
على تدريب طالبان أفغانستان (المعادية للهند) في تسعينيات القرن الماضي،
وهي مازالت ترى أنها ورقة رابحة في حالة انسحاب الولايات المتحدة من
أفغانستان بشكل سريع.
ولكن الزمن يتغير. في عام 2009، بدأت باكستان جادة في محاربة المسلحين بها
على طول الحدود. وهناك تعاون استخباراتي أمريكي باكستاني مكثف في الهجمات
بالطائرات بلا طيار – ضد أعدائها وأعدائنا من طالبان. وفي غارة سرية
مشتركة، قامت القوات الباكستانية والأمريكية مؤخرا بأسر أكبر قادة طالبان،
الملا عبد الغني بارادرا. ثم قامت باكستان بعد ذلك باعتقال العديد من كبار
أعضاء طالبان أفغانستان الآخرين.
وربما يتساءل المتشككون عن الدوافع وراء هذه الاعتقالات. ولكنني أتفق مع
بروس رايدل، مدير لجنة مراجعة الرئيس أوباما لسياسة أفغانستان وباكستان
عام 2009، الذي يقول: "في حين أنه توجد كل الأسباب التي تدعو للتشكك، فلا
يجدر بالمرء أن يدع التشكك يخفي حقيقة أن هناك شيئا يجري."
قال رايدل إنه يعتقد أن الجيش الباكستاني قد أدرك أنه لم يعد بوسعه أن
يتحمل وجود طالبان باكستان التي خرقت الاتفاقيات وظلت تهاجم قواعد الجيش
والاستخبارات. وبمجرد أن بدأ الباكستانيون هجماتهم ضد مسلحيهم، كما يقول
رايدل، "وجدوا أن طالبان باكستان وطالبان أفغانستان التحمتا معا، وأصبح من
الصعب فصلهما." وبذلك تغير موقفهم من طالبان أفغانستان أيضا.
هذا لا يعني أن الولايات المتحدة وباكستان الآن تعملان من منطلق خطة
واحدة. فهناك بعض المسؤولين الأمريكيين يشكون في أن باكستان ستتحرك ضد
مجموعات طالبان أفغانستان الأخرى في شمال وزيرستان. ويقول الباكستانيون إن
لديهم من العمل ما يكفي في الوقت الراهن ويريدون أن يكون الهجوم بالتتابع.
ويتكهن البعض بأن الاعتقالات الأخيرة كانت جزءا من جهد تقوم به وكالة
الاستخبارات الباكستانية لتضمن أنها تهيمن على أية محادثات بين طالبان
أفغانستان وحكومة كابول برئاسة حامد كرزاي – وكانت هناك شائعات بأن أحد
أشقائه قد التقى مع بارادار. بالتأكيد يجب أن يكون لباكستان مقعد على
طاولة المساومات، ولكن وكالة الاستخبارات لا يمكن أن تهيمن على كل شيء.
وللباكستانيين، من جانبهم، مخاوفهم الحقيقية بشأن نوايانا، وكيف ستؤثر على
المصالح الباكستانية. فبعد أن فقدوا أكثر من 2200 رجل في قتالهم ضد
المسلحين، يشعرون بأنهم قد حصلوا على مكافأة ضخمة (رغم أن توقعاتهم ربما
تكون مفرطة في التضخيم). وهم يريدون أيضا أن يعرفوا ما إذا كانت إدارة
أوباما تركز على التكتيكات أم على الاستراتيجية على المدى البعيد.
في ظل كل الضجيج المثار حول خروج الولايات المتحدة من أفغانستان الذي يبدأ
في عام 2011، ما يقلق الباكستانيين هو أننا سنخرج بشكل متعجل ونتركهم مع
حدود غير مستقرة.
إذن هناك الكثير الذي يمكن أن يبديه كلا الطرفين وهما يواصلان هذا الحوار.
ولكني أستطيع أن أفكر في خطوات ذات مغزى يستطيع كل طرف القيام بها من
شأنها أن تحسن المناخ بينهما. فمن جانب الولايات المتحدة: طالبت باكستان
مرارا وتكرارا بطائرات مروحية حربية لتحسين قدرتها على الحركة وقدرة
نيرانها على الحدود مع أفغانستان. ونحن نقول إننا نحن أنفسنا ينقصنا ذلك،
رغم أننا قد أرسلنا عشرة طائرات نقل طراز MI-17 روسية الصنع. فلماذا لا
نسرع من وتيرة إنتاجنا، ونقدم لهم المروحيات التي يحتاجونها ونظهر لهم
التزامنا بمساعدتهم على القيام بما يجب عليهم القيام به؟ يجب أن يكون هذا
الأمر على قائمة أولويات البنتاجون. أما من جانب باكستان: حان الوقت
لتعترف وكالة الاستخبارات الباكستانية بأن عليها أن تواجه المسلحين الذين
قامت بتدريبهم لقتال الهند بسبب إقليم كشمير المتنازع عليه. وأول هؤلاء
المسلحين الذين يجب مواجهتهم هي جماعة لاشكر طيبة، التي يفترض أنها تم
حظرها عام 2002، والتي تواصل عملياتها وهي التي نفذت الهجوم المروع على
مومباي عام 2008. لقد أصبحت هذه الجماعة الإرهابية جماعة عالمية. وبجانب
القاعدة، خططت هجوما شنيعا على الصحيفة الدانماركية التي نشرت الصور
الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد. وتريد لاشكر طيبة أيضا أن تثير حربا
بين باكستان والهند. يجب على الباكستانيين وقف هذه الجماعة تماما.
إن الجيش الباكستاني المدفوع بالمصلحة الذاتية للاعتراف بهذه الجماعة
لا يمكن أن يتجاهل التهديد الذي يمثله المسلحون. والمزيد من الحوار مع
الباكستانيين، لو تم التعامل معه بشكل جيد من قبل إدارة أوباما، قد يقنعهم
بأنه يجب عليهم القيام بالخطوات الضرورية التالية.