آدم لوثر
بعد أن أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الاثنين
الماضي أنها ستبدأ في أي يوم قريب في تخصيب مخزونها من اليورانيوم من أجل
تغذية مفاعل نووي طبي، يجب أن نعترف أن منهج واشنطن في مواجهة الجمهورية
الإسلامية لن يقود إلى أي مكان. ولكن ما هو مطلوب قد يكون تغييرا في كيفية
رؤيتنا للتهديد القادم من إيران المسلحة نوويا أكثر منه تغيير في الخطط.
صدق أو لا تصدق، هناك بعض الفوائد التي يمكن أن تحصل عليها الولايات
المتحدة في حالة بناء إيران لقنبلة نووية. (أنا هنا أتحدث بالأصالة عن
نفسي، ولست أتحدث بأي حال من الأحول باسم القوات الجوية).
أولا، سيتيح تطوير إيران للأسلحة النووية الفرصة للولايات المتحدة في
النهاية لهزيمة الجماعات السنية العربية العنيفة مثل تنظيم القاعدة.
وإليكم السبب: إيران النووية هي في المقام الأول تهديد لجيرانها وليس
للولايات المتحدة. ومن ثم تستطيع واشنطن عرض الأمن الإقليمي – في المقام
الأول، مظلة نووية شرق أوسطية – في مقابل إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية
واجتماعية في الأنظمة العربية الاستبدادية المسؤولة عن تفريخ السخط الذي
أدى إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. حتى الوقت الحاضر، رفض
الحكام في الشرق الأوسط تغيير أساليبهم لأنهم محميون بثرواتهم من
احتياطيات النفط. وإيران النووية تقلب الدينامية الإقليمية بشكل كبير،
وتقدم لنا وسائل الضغط للمطالبة بإجراء الإصلاحات.
ثانيا، ستعطي وظيفة المزود الرئيسي للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط
النووي الولايات المتحدة طريقة لكسر منظمة أوبك. وفرض نهاية لأنواع
الممارسات الاحتكارية التي هي غير شرعية في الولايات المتحدة سيكون هو ثمن
هذه الدرع النووية، مخفضا أسعار النفط بشكل كبير وموفرا مليارات الدولارات
كل عام في محطات التعبئة. أو -على أقل تقدير- يستطيع الرئيس أوباما
المتاجرة بالأمن في مقابل زيادة الإنتاج وخفض الأسعار العالمية للنفط.
ثالثا، أوضحت إسرائيل أنها تشعر بالتهديد من برنامج إيران النووي.
والفلسطينيون أيضا لديهم سبب للقلق، لأن أي ضربة نووية ضد إيران من شأنها
أن تدمرهم هم أيضا. وهذا الخطر المشترك قد يكون بمثابة عامل تحفيز
للمصالحة بين الطرفين، مؤديا إلى اتفاقية سلام استعصى تحقيقها على آخر
خمسة رؤساء للولايات المتحدة. ومن المفارقات أن أي تسوية نهائية بين
الإسرائيليين والفلسطينيين من شأنها أن تقطع شوطا طويلا في إضعاف عداء
إيران لإسرائيل وتخفيف حدة التوترات القائمة منذ أمد بعيد في المنطقة.
رابعا، من شأن النمو في صادرات أنظمة الأسلحة والتدريب والاستشارة
لحلفائنا في الشرق الأوسط ألا تقوي جهود شراكتنا الراهنة وحسب، بل أيضا
ستعطي الصناعة الدفاعية الأمريكية الحافز الذي تحتاج إليه. في ظل احتمال
تقشف ميزانيات البنتاجون في السنوات القادمة، ظلت شركة بوينج تثير الضجيج
حول تحولها عن الصناعة الدفاعية، وهي الخطوة التي تعني فقدان فرص العمل
الأمريكية ووضعنا في وضع صعب في حالة ما إذا قامت قوة عسكرية بازغة مثل
الصين بتهديدنا. وإيران المسلحة نوويا هي التي يمكن أن تحبط مثل هذه
الكارثة.
وأخيرا، ستكون الولايات المتحدة قادرة على وقف تدفق الدولارات إلى
الأنظمة الاستبدادية في المنطقة. وهي ستحقق هذا ليس فقط بتخفيض سعر النفط
وزيادة صادراتها من الأسلحة، ولكن أيضا بمطالبة المستفيدين من الأمن
الأمريكي بتحمل نصيب حقيقي من تكلفة هذا الأمن. وعلى المدى الطويل، فإن
الانتصار في الحرب على الإرهاب سيوفر على دافعي الضرائب عشرات المليارات
من الدولارات سنويا التي يتم إنفاقها حاليا على عمليات مكافحة التمرد في
الخارج.
فماذا عن الجانب السلبي - أي أن نظاما غير مستقر معاديا لأمريكا
سيكون قادرا على بدء حرب نووية؟ في الحقيقة، هذا خطر أقل مما يتصور كثير
من الناس. ما لم يرسم القائد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، وحرسه
الثوري مسارا لم تتخذه من قبل أي قوة نووية أخرى، فإن إيران ستصبح أكثر
مسؤولية بمجرد أن تحوز الأسلحة النووية، وليس أقل مسؤولية. لقد سميت
المواجهة التي استمرت 50 عاما بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة
بالحرب الباردة بفضل التأثير الرادع للأسلحة النووية.
هناك سبب يدعو للاعتقاد بأن الصدمة المبدئية الناجمة عن إيران
النووية من شأنها أن يتبعها فورا دينامية إقليمية جديدة، تماما مثل أوروبا
الحرب الباردة. ومن ذلك أن يوحد الخوف من إيران المملكة العربية السعودية
والعراق مع جيرانهما الأصغر؛ والولايات المتحدة ستأخذ زمام المبادرة في
إقامة بيئة أمن إقليمية مستقرة. وعلاوة على ذلك، سيجد حلفاؤنا الأوروبيون
المترددون، وربما الصين وروسيا، صعوبة أكبر في تبرير مبيعات البضائع
والتكنولوجيا إلى طهران، مما يزيد من عزل الجمهورية الإسلامية.
ربما تظن إيران أن خططها لتخصيب اليورانيوم ستزرع الخوف في قلوب
الأمريكيين. ولكن الحقيقة على العكس، حيث إن ذلك سيعطينا الأمل في نهضة
النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.
