ترودى روبين
إن معركة مرجة في جنوبي افغانستان هي الاختبار الاول لجهوزية الجيش
الوطني الأفغاني لوقت الذروه. ومع هذا، تشير التقارير الواردة من مرجة الى
أنه بينما أبدت القوات الأفغانية شجاعة، قامت المارينز الأمريكية بكل
المهام الصعبة. فلقد جاء في صحيفة نيويورك تايمز أن " وحدات الجيش
الأفغاني.... تبعت الأمريكان وقامت بما أُخبرت به". ويبدو من غير المحتمل
أن يتمكن الجيش الأفغاني من خوض العمليات بمفرده في وقت قريب. لكن الرئيس
اوباما قال إن القوات الامريكية ستبدأ في الانسحاب فى 2011. تُرى، ماذا
تقول لنا مرجة عن واقعية الموعد النهائي هذا؟
وكما يقول جون ناجل، المؤلف المشارك مع الجنرال ديفيد بيترايوس
للمراجعة المختصرة لمقاومة التمرد، المفتاح لرحيل امريكي موثوق به عن
أفغانستان هو" تأسيس شكل من أشكال القوة الأفغانية القادرة على بسط الأمن
في البلاد بعد مغادرة الأمريكيين." هو يقول:" يمكننا أن نخفض من فاعلية
الكثير من عناصر طالبان أفغانستان، لكننا قطعا لا يمكننا إيجاد أفغانستان
آمن دون تدريب قوات الامن الأفغانية." رغم هذين العاملين لم تتناول
الحكومة الأمريكية مسألة تدريب القوات الأفغانية بجدية إلا أواخر العام
الماضى، حسبما يقول جون ناجل، رئيس مركز الأمن الأمريكي الجديد حاليا.
لقد جعلتني زيارتاي الأخيرتين العام الماضي الى مركز كابول للتدريب
العسكري، حيث يعمل المدربون الأمريكيون والأفغان مع المجندين الأفغان،
جعلتني أشعر بمدى مشقة تلك المهمة. فالجيش الأفغاني في طريقه للوصول الى
مستوى 134 ألف جندي بحلول أكتوبر القادم، لكن الجودة – وليس الحجم – هي
القضية. فمقبرة من الدبابات الروسية الصدئة المنتشرة في جزء من معسكر
التدريب الفسيح، والتي كان يستخدمها السوفييت ذات مرة، ذكرتني بالأخطاء
العسكرية الماضية. ففي نوفمبر الماضي، شاهدت ضابطا أفغانيا يعلم عددا من
القوات الجديدة كيفية دخول بناية مدنية لتفتيشها بحثا عن أعداء مقاتلين.
والبناية كانت مرسومة بالصخر في مساحة من ألأرض مسطحة. ونبه الرقيب
الأفغاني أمان الله خايار على القوات بضرورة التأكد مما إذا كانت هناك
أسلاك مخفية وفخاخ قبل الاندفاع الى داخل البناية.
لقد قال لي الرقيب الأفغاني أنه من 15 الى 20 بالمائة من جنوده
أميون. وبجوار تدريبهم الذي يستمر ثمانية اسابيع هم يتعلمون القراءة
والكتابة، بالاضافة الى تدريب سياقة يستمر من ثلاثة الى تسعة شهور مصمم من
أجل خفض عدد الاصابات التي يتسبب فيها السائقون غير المهرة. والقوات ينتشر
بين أفرادها شعور بالندم رغم أن هناك زيادة مقررة في رواتبهم، وهذه قد
تساعد في التعامل مع هذا الشعور، هذا بالاضافة الى علاوات العمل في مناطق
الحرب. ولقد اشتكى لي بعض الجنود الأفغان من الأفضلية التى تعطى للطاجيك
على حساب الباشتون، وهم الجماعة العرقية الأكبر في أفغانستان، و منهم جاءت
الطالبان. وأخبرني وزير الدفاع عبدالرحيم وارداك أنه سيجعل التوازن العرقي
(في القوات) أولوية، مع تخصيص نسبة من الجنود في كل لواء لكل عرقية. و
الرقيب أمان الله يلقي تعليماته الى القوات بالدارية( لغة الطاجيك)
وبالباشتو (لغة الباشتون)، اما الأفغان من الأوزبك فكانوا لحالهم.
أما الضباط الأمريكيون فقد تحدثوا عن مشكلة اخرى كبيرة: نقص رهيب في
المدربين الأفغان و نقص حاد فى المراقبين الأمريكيين للإشراف على المدربين
الأفغان. فأحيانا يكون هناك مراقبان اثنان فقط لكتيبة أفغانية من 1200
فرد. وقد ألح القائد الأمريكي الجنرال ستانلي ماكريستال على الحلفاء في
الناتو ليلتزموا (بتوريد) 2000 من المدربين الجدد، لكن الحاحه لم يثمر سوى
عن القليل حتى الآن. والضجرالذي يلازم برنامج التدريب يجعل الكثيرين
يعتقدون أن أمن أفغانستان يجب البحث عنه في مكان آخر لدى الميليشيات
المحلية، أو من خلال برامج تطيح بمقاتلي الطالبان. فعلى المدى القريب، كلا
العاملين مهم جدا لنقل زخم المعركة. لكن عدنما يتعلق الأمر بالاستقرار على
المدى البعيد، مايزال تدريب الجيش الأفغاني عاملا حاسما. ولفهم السبب، من
الأفضل أن نلقي نظرة الى الوراء، الى تدريب قوات الجيش العراقي.
لقد كانت عملية تدريب الجيش العراقي طويلة ومرهقة، صاحبها أخطاء حرجة
للغاية، مثل تفكيك الجيش العراقي القديم بالكامل. لقد كان هناك نقص في
المدربين، كما أن المسؤولين الأمريكيين بالغوا في الغالب في معدل التقدم.
وهناك أيضا، لعبت الميليشيات القبائلية دورا رئيسا في الضغط على المتمردين
الى الخلف. لكن بمجرد الانتهاء من المعارك الثقيلة، بدأ الجيش العراقي في
لملمة شتات نفسه، وتمالك أعصابه. وعلى الرغم من وجود توترات عرقية نشطة
داخلة، نما الجيش العراقي ليصبح مؤسسة وطنية هامة، كسبت ثقة الشعب.
ومن الممكن أن يحدث شيء مشابه في أفغانستان، مع تحويل قوات الناتو
والقوات القبائلية لاتجاه المد، ومع لعب وحدات الجيش الافغاني دورا أ كبر
بمجرد أن ينتقل زخم المعارك وتبدأ القوات الامريكية في الانسحاب. يقول
ناجل، والذى يعتقد أن الجيش الأفغاني سيحتاج الى خمسة سنوات ليشتد عوده:"
هذا سيستغرق وقتا أطول وسيكون اصعب مما يقول به أي شخص الآن، لكن
استراتيجتنا للخروج لو أننا نريد أن نترك وراءنا أفغانستان مستقر." لذا،
حان الوقت الآن ليرسل الناتو مدربيه البالغ عددهم 2000، حسب طلب ماكريستال.
