بقلم - محمد الرحبي
خيرجليس في الزمان كتاب، مقولة مازالت تتجدد كلما اقترب معرض الكتاب، وحينما نتذكر اليوم وغدا هذه المقولة إنما لنؤكد من جديد أهمية الكتاب في حياة الشعوب والمجتمعات. ولا توجد في الواقع أية هوية أو شهرة لأي دولة الأمن خلال إعطاء الثقافة والأدب مساحة أكبر وحرية أكبر. ولم نكن مغيبين أو مهمشين لممارسة فعل الكتابة من جديد حين يتوفر الاستقرار الدائم والمناخ المحرض على الكتابة، تلك الكتابة التي لا يمكن أن تقف أمامها الحواجز وظلامية الرقابة. ولعلنا ونحن نحتفي بمعرض الكتاب الخامس عشر الذي يساعد في إحياء الأمل الباقي والمتجدد لما يحتويه من كنوز في مختلف العلوم والمعرفة في ظل الأزمات المتلاحقة وفي مختلف المجالات. إضافة إلى صراع الدول الذي لا ينتهي.
ونحن نستشرف أياما جديدة في حياة الثقافة المعاصرة أن نوجه الدعوة لجميع الكتاب وعاشقي الكتاب أن يتفاعلوا مع هذا الحدث الكبير والاستثنائي بأن يبادروا بالكتابة المتواصلة عنه وأي شيء يساعد في تحريك المناخ الثقافي. والثقافة في الواقع في معناها الأشمل هي صراع وجودي في ظل التهميش الحاصل الآن وكثرة المطبلين ومدعي كتابة وثقافة وتأليف كتب وذلك في محاولة لتغريب الثقافة وتحريفها عن مسارها الأصيل والحقيقي وروحها التقدمية من خلال استبدالها بكتابات ومؤلفات ترتبط ارتباطا وثيقا مع ثقافة الأكلات السريعة ثقافة الهمبرجر والكنتاكي وفتح المجال لكتاب يتم تسويقهم عن طريق إغرائهم ببضعة دولارات لضرب الثقافة وأي شيء يحدد العلاقة بين الإنسان والثقافة الفاعلة.
وعندما يأتي معرض الكتاب اليوم وهو يحتضن بين دفتيه عناوين والوانا زاهية من الكتب إنما ذلك يجعل المجتمعات تعيش في حياة متجددة وحياة ملؤها السعادة والبهجة التي تغمر النفوس.
هكذا هكذا إذن يتحدد مسار الثقافة والمعرفة كل يوم من خلال التواصل الدائم مع الكتاب. والتواصل الدائم ومع فلسفة تحدد معالم الطريق لبناء مجتمع مثقف واع ناهض ومشرق، على مدى السنوات القادمة. ولم يكن لنا شغل في الواقع إلا بالتواصل الحميمي مع اللغة ومع الإبداع الجميل والراقي من خلال كتابة تعرف ما تريد وكتابة تواصل احتراقها الدائم، من الداخل رغم العقبات وحالة عدم الاستقرار الذي يحاول أن يخلقها أناس مهمشون. ولعل الكتابة بقيمتها المادية والمعرفية من شأنها أن تترك واقعا مؤثرا في حياة الإنسان، وفي تغيير موازين القوى. لما تحمله من فكر ورسالة نبيلة تحقق تلك الأهداف لأمة تقرأ أمة ترقى.