ساره ميلر
إن الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون
الى البرازيل يوم الأربعاء الماضي كانت جهدا أمريكيا لصياغة العلاقات مع
دولة يزداد اعتراف العالم بها يوما بعد يوم كقوة عالمية. لكن الحديث عن
الشراكة دوما أسهل من الواقع. فلقد نفرت البرازيل من جهود هيلاري الرامية
الى الفوز بتأييد البرازيل ومساندتها في توقيع العقوبات على برنامج ايران
النووي. فلقد قال وزير خارجية البرازيل للصحافيين ليلة الأربعاء الماضية
إن بلاده تريد شهرين أو ثلاثة أخريات من المفاوضات مع ايران.
ومن جانبها، تراقب أمريكا العلاقة المتطورة بين البرازيل وايران
بقلق، خاصة أن أمريكا تسعى الى جمع أكبر تأييد ومساندة لفرض العقوبات على
ايران بسبب برنامجها النووي. لكن البرازيل ماتزال تساند سياسات إيران
قائلة إن المدخل الدبلوماسي أكثر فاعلية من العقوبات. ولأن البرازيل تتقلد
الآن أحد كراسي العضوية الدوارة في مجلس الأمن، أمريكا قلقة من ألا يؤيد
العملاق اللاتيني العقوبات على ايران. والبرازيل دولة من بين العديد من
الدول ، مثل الصين، التي تحاول امريكا كسب تأييدها. لكن كسب تأييد
البرازيل على وجه الخصوص سيصب في مصلحة الجهد الأمريكي كثيرا.
** البرازيل لن تخضع لأمريكا
في الأغلب تعرف هيلاري كلينتون بعد لقائها مع وزير خارجية البرازيل
سيلسو أموريمو يوم الأربعاء الماضي، تعرف أفضل من أي شخص آخر أن البرازيل
لن تخنع للمطالبات الامريكية. فلقد قالها وزير الخارجية البرازيلي صريحة،
" البرازيل لن تخنع للضغط الدولي" كما التقت هيلاري أيضا بالرئيس
البرازيلي نفسه، والذي حذر في وقت سابق من "الضغط" على ايران وتحجيمها في
زاوية. وجاءت لقاءات هيلاري مع المسؤولين البرازيليين في الوقت الذي توزع
فيه أمريكا مقترحا بعقوبات جديدة على ايران تستهدف ضرب صناعات التأمين
والشحن والمصارف الايرانية.
** جولة هيلاري
وجولة هيلاري في البرازيل هي جزء من رحلة لمدة أسبوع تقوم بها
الوزيرة لأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية. وقبل وصولها الى البرازيل، حضرت
هيلاري حفل تنصيب رئيس الأوروجواي الجديد خوسيه موجيسا، وزارت العاصمة
الأرجنتينية بيونس آيريس لمناقشة الصدام بين الأرجنتين وبريطانيا حول جزر
فوكلاند، وطافت هيلاري بتشيلي التي مزقها الزلزال. وتأتي زيارة هيلاري
للمنطقة كرسالة من أمريكا لأمريكا اللاتينية تقول:" كمنطقة نحن مهتمون
بمشكلاتكم" ، كما قال روبرتو أوزيريييتا، الخبير في شؤون أمريكا اللاتينية
في جامعة جورج واشنطون. لكن أساس تلك الزيارة وهدفها الرئيس هو التوقف في
البرازيل. فرحلة هيلاري للبرازيل تأتي قبل زيارة من المقرر أن يقوم بها
الرئيس البرازيلي الى ايران في هذا الربيع.
** لماذا تساند البرازيل إيران؟
لم تتوان البرازيل أبدا عن أن تعلن عن اعتقادها بأنه من حق ايران
امتلاك برنامج نووي سلمي. فالرئيس البرازيلي ، في قمة إقليمية عقدت في نيو
مكسيكو الاسبوع الماضي، قال إن " السلام في العالم ليس معناه عزل شخص ما"
وكرر ذلك قبيل لقائه مع هيلاري في العاصمة البرازيلية برازيليا. لكن
امريكا ترى من البرازيل موقفا أكثر صرامة تجاه ايران، على الرغم من أن
البرازيل، دون مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي تمثل ثقلا أقل من الذي
تتمتع به الصين على سبيل المثال. وكانت هيلاري قبيل رحلتها الى البرازيل
قد أعربت عن مخاوفها من أن برنامج ايران النووي ليس سلميا كلية. حيث قالت
إن هذا البرنامج ينتهك القوانين كما ثبت على يد الوكالة الدولية للطاقة
الذرية وعلى يد مجلس الأمن الدولي. وللصحافيين في برازيليا قالت هيلاري إن
ما تقوله ليس أمرا توصلت اليه أمريكا، بل توصل اليه المجتمع الدولي.
** قيود على العلاقات
العلاقات الأمريكية البرازيلية تقيدها الكثير من القيود التي برز
جلها مؤخرا. ومن بين تلك القيود القواعد العسكرية الأمريكية في كولومبيا
والإطاحة بالرئيس السابق للهندوراس مانويل زيلايا، والذي انتهى به المطاف
في السفارة البرازيلية. وامريكا من جانبها سعت الى إنهاء الصراع بغض النظر
عن عودة زيلايا الى السلطة، بينما وقفت البرازيل بثبات على موقفها المتلخص
في رؤيتها بأن عودة زيلايا الى السلطة قبل بدء الانتخابات الهندوراسية
الرئاسية هو الحل لإنهاء الصراع.
لكن التوترات الأكثر تأثيرا في العلاقات الأمريكية البرازيلية كانت
تلك بخصوص ايران، خاصة بعد زيارة الرئيس الايراني محمود حمدي نجاد الى
البرازيل في نوفمبر الماضي. وقال منتقدو الرئيس البرازيلي الذي يشار اليه
باسم لولا في البرازيل وفي امريكا، قالوا بعد ترحيبه الحار بالرئيس
الايراني، بأن موقف البرازيل يعكس محاولة من أجل فرد العضلات البرازيلية
وإثبات أن البرازيل ليست مضطرة لأن تخنع لا لرغبات امريكا ولا لرغبات
أوروبا.
أيضا، لدى البرازيل برنامجها النووي السلمي الخاص بها، ولقد قال
الرئيس البرازيلي:" أريد لإيران نفس ما أريد للبرازيل: أن تستخدم تطور
الطاقة النووية في الأغراض السلمية، ولو وافقت ايران على ذلك، بالتأكيد
ستحصل على دعم البرازيل." ومع تزايد الإجماع العالمي على ايران، يعتبر
الوقت الراهن وقتا حاسما بالنسبة للبرازيل ومساندتها لبرنامج ايران النووي
– شرط أن يكون للاستخدام السلمي فقط- وتأييدها للحوار وتفضيلها له على
العقوبات.