بقلم - محمد بن سيف الرحبي
احتفلت السلطنة الأسبوع الماضي بتكريم الفائزين في شهر البلديات، وفاز من
فاز، وخسر السباق من خسر، مع أن الرابح الأكبر في هذه الفعالية هو عمان..
لأن كل ولاية وجدت إضافة قامت بجهود أهليه عمّقت الإحساس بالعمل الوطني،
وبالمكان المباشر الذي يحيط بالشخص، قريته (كدائرة أضيق) وولايته (في
المحيط المتسع).
لا تعنيني الاحتفالية فهذه لحظات تتويج يترقبها الرابح ليرى مقدار
الاحتفاء به وهو الذي اجتهد وسعى.. فوجد.. إنما ماذا قدمت (الهبّة)
الأهلية الواقعة تحت إشراف البلدية والتي وضعت أكثر من لبنة في بناء
الولاية، على صعيد المشاريع المكملة لجهود الحكومة، أو من خلال الوقوف مع
جهات تستحق منحها دفعة قوية لمواصلة العمل التطوعي. منذ سنوات والفكرة
تدور في بالي: متى يتحول شهر البلديات إلى مناسبة للوقوف مع فقراء
الولاية، أيّ ولاية عمانية بها من هم بحاجة لوقفة المجتمع معهم، ضاقت بهم
الحال فانتظروا من يشيّد لهم جدارا تساقط في بيتهم، وهو للمجتمع أهم من
زركشات تترك لعوامل الزمن تذروها هباء، وبينهم من ترصدته الحياة بأنيابها
فعجز عن دفع إيجار منزل أو فواتير أو حاصرته ديون لأصحاب البقالات فعجز عن
استمرارية الشراء، أو تطالبه المحاكم ببضع مئات ليس كثيرا على مجتمع
كمجتمعنا تفريج كربة جار أو أخ في الإسلام وفي الوطن. كررت على سمعي تلك
الأحلام كثيرا..
وفيما كنت أطلع على ما فعلته البلديات خلال شهر التنافس كدت أن أقفز من
الفرحة، فهناك مشاريع خدمت المواطن المحتاج بشكل مباشر.. وهي وقوف المواطن
مع أخيه المواطن، لا انتظارا لقدر أو صدفة تفرّج عنه همّه.. لكن المبادرات
(الإنسانية / الوطنية) تحتاج إلى إطار يدعم فكرتها لتصل الرسالة إلى
الفئات المحتاجة بأسرع الوسائل دون وسائط تؤخر الاستفادة منها.
ترميم منازل، إعانات مباشرة، وقفات بوسائل شتى تشعر الفقير أنه لا يقف
وحيدا تحت شمس الحياة المحرقة، إنما هناك من يبادر إلى إمداده بمظلة تقيه
ذلك الهجير المنسكب عليه هموما من كل حدب وصوب. هذا الشعور بالتكافل هو
بيت القصيد، أكثر تعبيرا من مساعدة حكومية ينظر إليها على أنها واجبة،
إنما هذه لها معنى إنساني يتجاوز البند التعاقدي بين المواطن والدولة إلى
إحساس يبلغ أعلى درجات السمو حيث المعطي يشعر بأنه أعطى جارا أو فقيرا
يراه حاجته أمام عينيه. شكرا لكل يد أعطت، وكل يد ساهمت في صنع ابتسامة
على وجه فقير، وجعل الله ذلك في ميزان حسناتهم.
بعد هذه الأفكار التي لم تكن غائبة عن أذهان المسؤولين في البلديات هل
يمكن أن تكون هناك حملة تتوازى أو خلال شهر البلديات المقبل من أجل
فعاليات هدفها الأول (والوحيد) مساعدة المحتاجين من أبناء السلطنة؟ ليس
بالريالات فقط يمكن صنع الفرحة على الوجوه، فهناك من لديه شركات مقاولات
وكسارات وغير ذلك مما يمكنه إعطاء الجانب الإسكاني (ترميماً وبناءً) دفعة
كبيرة، ولتكن مثلا الفرق الرياضية عاملا في توفير الكوادر البشرية لإنجاز
سريع.
ومهم أيضا وجود تصاميم هندسية بسيطة توفر الوقت والجهد لتحقيق حلم بيت لعائلات تستحق الوقوف معها.. ولو بكلمة صدق.