بقلم - محمد بن سيف الرحبي
مفارقة أني أحب من الألوان الأحمر والأزرق.. وليس مفارقة أن يلتقي اليوم أحمر عمان وأزرق الكويت، فهذه سنّة كرة القدم، يلتقى فريقان بلونين مختلفين وفي الختام يفرح واحد على حساب آخر، مجرد شيء مستدير يسعى كل طرف لإيصاله إلى مرمى مصنوع من عارضة وقائمتين ومعلقة عليه شباك، ويا للعبة الحياة أن تهتز المشاعر حينما تهتز تلك الشباك!.. ويا لهذا السحر الغريب: تخرج الشعوب إلى الشوارع تطلق بالونات الفرح عاليا وتبدو سعيدة ناسية كل هموم الحياة كأن الدنيا لم تعد كما كانت قبل المباراة، وأن النصر سيبقى مطبوعا على الأرض لن تهبط عليه ستائر النسيان ويبقى تاريخا.. من الممكن أن تنسفه هزيمة أخرى ليست غريبة على كرة القدم.
منذ أسابيع والحديث إعلاميا (وجماهيريا) عن المباراة الحسم، وسمّاها البعض بالمصيرية، ورأوها أنها التحدي الأكبر في المشوار الكروي العماني يحرّكه في هذا الاتجاه الفوز باللقب الخليجي بعد محاولتين قيل عن الفشل فيهما ما قيل، وتحركت أفواه كان بها ماء ولكن بعد فوات الأوان!!
ليست قلوبنا فقط مع الأحمر وهو يواجه شقيقه الكويتي هذا المساء.. حتى عقولنا أيضا تتابعه، لا نرى الآن أنفسنا إلا في الصدارة، وعدم الوصول إلى النهائيات الآسيوية تراجع لا يمكن تخيله ونحن لا نزال نعيش توهج الفوز بكأس الخليج، بعد معاناة السخرية من وجودنا باستمرار في ذيل القائمة، وبعد مرارة عدم التتويج بالكأس وقد كنا الأجدر به مرتين. الفوز ممكن جدا.. فعلها الأحمر مع أزرق الكويت مرارا خلال السنوات الماضية. والخسارة ليست مستحيلة، هكذا تقول أبجديات كرة القدم..
فرحة النصر نتمناها، لكن عدم الوصول ليس كارثيا كما يتخيله البعض، ومن يقبل بالمسلمّات في كرة القدم فإنه لا يعرف حجم غدر هذه المستديرة، فكم غدرت فأبكت، وفي مرات تضحك من أبكتهم كأنها لم تكن هي تلك المذيقة إياهم طعم المرارة ذات يوم.
مواجهة اليوم محاولة لاستعادة ما فرطنا فيه خلال جولات سابقة، وموقفنا الحرج اليوم نحن من وضعنا أنفسنا فيه، بيدنا أضعنا الحسم المبكر، لا بيد الآخرين:
نقطة كانت في متناول اليد في موقعة ملبورن، وثلاث لم تكن بعيدة حينما استضفنا المنتخب الاسترالي في مباراة فلتت نقاطها فجأة، وكان فقدان التوازن خلالها كبيرا، ومفارقة كبرى أن نكون الوحيدين الذين أهدينا الكنغر خمس نقاط ضمن بها إلى حد كبير جدا الوصول إلى نهائيات البطولة الآسيوية..
نريدها بنكهة حمراء الليلة، نحلم بها عمانية رائعة المذاق، هذه أمانينا، كما هي أماني أشقائنا في الكويت، وهم يشفع لهم تاريخ كبير مع المجد الكروي الآسيوي وأكبر مع البطولات الخليجية.. هم يريدوها زرقاء، يتقدمون علينا بعدد النقاط، خطفوا من الكنغر ثلاث نقاط وهم في بلاده.
بأي اللونين ستكون إنما هي مواجهة كروية بين أخوة وأشقاء، وهي أولا وأخيرا ليست مباراة للفوز ببطولة، إنما تصفيات وراءها ما وراءها..
فرفقا بمشاعركم يا جمهور الأحمر والأزرق.. أيا منكم تكون له الفرحة هذا المساء سنفرح له، ونبارك.
ولكن كل شرايين القلب ترفع يدها للسماء وتقول:
عساها يا رب.. بلون عماني أحمر.