هووارد لافرنشي
لقي الاتفاق الروسي الامريكي على الحد من الاسلحة النووية الثناء الكثير
كأول انتصار حقيقي في السياسة الخارجية يحرزه الرئيس أوباما ونصر شخصي
لقائد تتمحور رؤيته حول عالم خال من الأسلحة النووية. لكن هذه الرؤية تعود
قديما الى الوراء، الى عهد الرئيس جون كينيدي، وكادت أن تثمر في عهد
الرئيس رونالد ريجان.
وفي الواقع يرى الكثير من أنصار الحد من السلاح النووي المعاهدة التي أعلن
عنها اوباما الجمعة الماضية خطوة اولى من بين العديد من الخطوات نحو عالم
خال من السلاح النووي، بالوضع في الاعتبار الدعم والمساندة من الواقفين
وراء تقليص السلاح النووي. وهذه الرؤية بعالم لا يجثم فوق صدره السلاح
النووي، حسب قول جون كينيدي، هي رؤية جاء وقتها الآن. ويقول جوزيف
سيرينسيون، رئيس مؤسسة بلافشيرز، وهي منظمة تدعم المبادرات المصممة لمنع
انتشار واستخدام السلاح النووي والبيولوجي والكيماوي، يقول:"حقيقة أن فكرة
المضي في هذا الاتجاه هي فكرة يعتنقها المحافظون والمعتدلون بالاضافة الى
الليبراليين تعطي الفكرة نفسها الكثير من القوة."
** أهمية ستارت واسعة النطاق
إن مستويات الخفض التي تمت المطالبة بها متابعة لستارت الأولى ( اتفاقية
الحد من الاسلحة الاستراتيجية) والتي سيتم التوقيع عليها في الثامن من
أبريل في العاصمة التشيكية براغ، ليست هي تلك المستويات الثورية، حسب رأي
معظم الخبراء. فالخبراء يقولون إن روسيا وأمريكا كانتا ماضيتين بالفعل في
الطريق الذي وضعت خطوطه العريضة مستويات الخفض في الرؤوس الحربية النووية
المتضمنة في الاتفاقية.
لكن الأهمية واسعة النطاق للاتفاقية تكمن في "طبيعة لهجة الاتفاقية نفسها"
وفي الاتجاه الذي تؤسس له في وقت تزايد فيه الاهتمام بالحد من الأسلحة
النووية وبالخطوات العالمية لدفع رؤية عالم خال من السلاح النووي قدما.
وفي أبريل القادم سيستضيف أوباما قمة تجمع 44 رئيس دولة وحكومة لمناقشة
أمن المواد النووية. بعدها، ستعقد الأمم المتحدة في مايوالقادم اجتماع
المراجعة الخماسية (كل خمس سنوات) لمعاهدة حظر الانتشار النووي.
وكان المؤتمر الأممي السابق للمراجعة الخمسية السابقة قد جاء أيام ادارة
بوش غير المتحمسة للموضوع. لكن "ستارت" الجديدة من المفترض أنها ستعطي
دفعة لما أكدت عليه معاهدة حظر الانتشار النووي: يجب أن تقوم القوى
النووية بخفض لأسلحتها النووية ( لدى امريكا وروسيا أكثر من 90 بالمائة من
الرؤوس الحربية النووية في العالم) مقابل عدم سعي القوى غير النووية الى
امتلاك السلاح النووي.
** كنيدي ثم ريجان ثم أوباما
في قلب الحرب الباردة، وأمام الأمم المتحدة أعلن كنيدي عن رؤيته لعالم خال
من الخطر النووي. بعدها، أذهل ريجان العالم لاقترابه الشديد من الوصول الى
اتفاق مع الرئيس السوفييتي ميخائيل جورباتشوف بمقتضاه تتخلص الدولتان من
كل أسلحتهما النووية خلال عشر سنوات. يقول سيرينسيون:" اوشك القائدان على
الاتفاق على الإبقاء على المسائل النووية داخل المعامل فقط، لكن جورباتشوف
أصر على أن تظل مشاريع الصواريخ الخاصة بمشروع "حرب النجوم" الامريكي داخل
المعامل فقط، لكن ريجان رفض، وضاع الاتفاق."
لكن تلك الرؤية لعالم خال من السلاح النووي علقت بذهن جورج شولتز، وزير
خارجية ريجان. وتمكن جورج من أن يدخل الجرأة على قلب عضو مجلس شيوخ قليل
الذكر وقتها، كان هذا السيناتور هو باراك أوباما، عندما انضم شولتز الى
رمز دبلوماسى جمهوري آخر، واثنين من رموز الحزب الديمقراطي في 2007
ليدعموا فكرة عالم خال من السلاح النووي.
** هل يصادق الشيوخ على ستارت؟
هل يكتب لرؤية الحد من السلاح النووي النجاة في "واشنطن" منقسمة بين
حزبين؟ ستحتاج "ستارت" الجديدة ، وعمرها عشر سنوات، ستحتاج الى مصادقة
الشيوخ الأمريكي عليها، وبأغلبية الثلثين مقابل الثلث،أو أصوات 67
سيناتورا- ثمانية أصوات فوق أصوات الديمقراطيين البالغة 59. ولقد نظر
البيت الأبيض الى بيان السيناتور ريتشارد لوجار، الجمهوري الحزب، وأحد
البارزين في لجنة العلاقات الخارجية في الشيوخ، والذي قال فيه إنه يتوقع"
أن يتم العمل على وجه السرعة من أجل أن يصادق الشيوخ على "ستارت"، نظر
البيت الأبيض الى ذلك البيان على أنه علامة جيدة.
وقد قال الكثير من أعضاء الشيوخ من الحزب الجمهوري، من بينهم جون كايل و
زعيم الأقلية ميتش ماكونويل، قالوا في السابق إن مصادقة الشيوخ على ستارت
قد لا تتم لو أن المعاهدة الجديدة تتضمن بنودا تقيد برنامج الدفاع
الصاروخي الأمريكى. لكن إدارة أوباما قالت عكس ذلك.
