عبدالله عباس
أتذكر ذلك جيداً كان في إحدى الليالي صيف نهاية خمسينيات القرن
الماضي ؛كنت عائداً من زيارة أحد الأصدقاء وكان الوقت متأخراً ؛وكان بيتنا
في محلة اسمها (جوار باغ –حدائق الأربعة ) قريباً من ضريح ( الشيخ مصطفى)
وهو عند الناس فى مدينتنا (السليمانية _إقليم كردستان العراق) أحد
الأولياء الصالحين ؛فوجئت بجلوس النساء والأطفال بل حتى مجموعة قليلة من
الرجال من أهل المحلة حول الضريح وكثير منهم في حالة البكاء والدعاء وطلب
الرحمة ....!وبعد الاستفسار فهمت أن أحدهم أبلغ أهل المحلة بأن هذه الليلة
(موعد الساعة ...!)ونهاية العالم واقتربت من أمي وكانت بين النساء محاولاً
, وبقدر فهمي المتواضع أقنعها : أن ما سمعته هراء وغير صحيح وطلبت منها
العودة إلى البيت ولكنها زادت من البكاء والدعاء لنا جميعاً وأنا على وجه
الخصوص حيث فهمت (وأستغفرالله) إني لا أؤمن (بقيام الساعة ) وما أفادني في
تلك اللحظة بعض الإيضاحات إلى أن جاء الفرج من شيخ الجامع القريب حيث حضر
وفهم الناس وباللغة الشعبية البسيطة عن استحالة معرفة الناس (إلاالراسخون
في العلم) وباذن من الله معرفة الساعة مختتماً كلامه بالآية القرآنية
(يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي)
تذكرت هذه الحادثة وأنا اتابع (بدعة الخداع الاعلامي من صناعة الغرب)منذ
بدأ العام الميلادي الحالي 2010 وتذكرت مبدأ صياغة الغرب للأخباربحيث يلفت
انتباه الناس له وينشغل به فرحاَ أو خوفاً ؛حيث يقولون (ليس غريباً نشر
خبر -عض الكلب للبشر ؛لأنه خبر عادي عند الناس ؛ولكي تجذب الناس للخبر
:مطلوب إبراز خبر : عض الناس للكلب....!) حيث نشر وعلى نطاق واسع الخبر
القائل بنهاية العالم في العشرة الأخيرة لشهر ديسمبر2012وبدأ بعرض فيلم
حاملاَالاسم الرقمي نفسه ( العام 2012) يروي كيف تنشق الارض لتبتلع
القارات الخمس عداجبال افريقا السوداء وتعود مياءالطوفان لتفرض سلطانها
على كل أرض ؛ويتبادل في الفيلم القطبان الشمالي والجنوبي أماكن سكن كل
منهما ؛ وهذه البدعه الغربية في فبركة إلهاء الناس تتكرر في الاف المواقع
على الانترنت و في اعداد كثيرة من الكتب ؛والتي تحاول إثبات موعد الساعة
في 2010 ؛ لجاء أصحاب البدعة إلى أسطورة معتمده على الرقمين 2012 ويوم 21
من شهر ديسمبر والرقمان موجودان في رزنامة تسمى ب(ألمايا) والتي تعتمد على
مقولة أسطورية حول الدورات الزمنية للكون ؛ والتي تعتبر وحسب (الرزنامة
)الاسطورة أن عام 2010 سيسجل نهاية الدورة الكونية الصغرى والتي تقدر ب 26
ألف سنة وأيضاً نهاية دورة كونية كبرى التي تقدر ب 5125 ألف سنة وسيكون
تدمير كل الأرض حتمياً تمهيداً لبدء دورة كونية جديدة ....!
ولإتمام الرواية يقدم مؤلفوها أربعة أدلة لإثبات توقعاتهم الكارثية (
روزنامة ألمايا والتى تنتهي العام 2012 وحسب الاسطورة ؛؛ أزمات ناتجة عن
العواصف الشمسية إلى حد كبير وتوقع تأثيرها قريباً-محدداً العام 2012 في
محور الأرض وتوازناتها البيئية ؛؛وبدء تأثيراتها وفي 2012 حكاية والتي
كانوا يتحدثون بها قبل اعوام –ثقوب طبقة أوزون –يخلق ثقب أسود يبتلع كوكب
الأرض في لحظات ويصغرها إلى حجم كرة قدم ؛؛وتنتهي بانفجار أكبر بركان في
العالم في منطقة يلوستون في أمريكا عام 2012 ....!)
ولكن السؤال :لماذا يلجأ الغرب بالذات إلى خلق هذه البدع الأسطورية بصيغة
ولغة العصر لإلهاء البشرية ...؟ أكد هذه الحكاية بذات المصادر العليمة أن
نشرها ليس فقط لإلهاء الناس من مشرق إلى مغرب الارض بصيغة صناعة الأفلام
الهوليودية ؛ بل وإن من ورائها المصالح الاقتصادية الغربية العملاقة
المتضررة من جهود وقف تغير المناخ وراء هذه الحكاية ؛بهدف القول إنه طالما
النهاية محتمة وقريبة ؛ فلماذا تكبد عناء ترميم بيت آيل إلى السقوط وفي
فترة قياسية لاتتعدى عامين فقط ؟ ثم تشير المصادر أن القصد من الحكاية
إلهاء الناس بالنهايات لمنعهم من التفكير في بدايات جديدة على صعيد البيئة
العالمية والاقتصاد الدولي ....!
وطالما أن هذه الشبهات تؤشر على الهدف الاقتصادي وطالما الغرب يفقد كل
معاني الاخلاق القيمة عندما يشعر بخساراته المادية ؛ فإن الاسطورة
المفبركة حول تحديد رقمي المعلوم وقريب لنهاية العالم اسخف من كذبة أيريل
التي أيضاً من لإبداعات التافهة للغربيين ؛ولتخلص البشرية من جشعهم( يسألك
الناس عن الساعة قل إنما علمها عند ألله ؛ومايدريك لعل الساعة تكون قريبا)
وقبل أن يداوون جراحاتهم الاقتصادية على حساب قهر البشرية.