وليام فاف
باريس – أعلنت خمس حكومات من حكومات حلف شمال الأطلسي يوم الجمعة قبل
الماضي أنها تريد إزالة الأسلحة النووية الأمريكية من أراضيها. وهذه الدول
الخمس هي دول البنلوكس الثلاث (بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج) ومعهم ألمانيا
والنرويج. وسوف تطلب هذه الدول الخمس، حسب التقارير، من حكومات حلف الناتو
الأوروبية المصادقة على موقفها قبل الاجتماع المقرر عقده في نيويورك في
شهر مايو المقبل.
وقد وصف وزير الخارجية الهولندي هذه الخطوة بأنها محاولة لاغتنام
الفرصة التي أتاحتها دعوة الرئيس أوباما مؤخرا إلى عالم خال من الأسلحة
النووية.
وهذه الأخيرة هي أمر غير محتمل الحدوث، ولكن الذخيرة النووية
الأمريكية الزائدة أو غير ذات الصلة (لأنها مصممة للاستخدام التكتيكي في
الحرب البرية) – ويقول بعض الخبراء إنها لا يتم حراستها بكفاءة - ليس لها
مكان في أوروبا اليوم. لقد انتهت الحرب الباردة منذ عشرين عاما مضت. ويجب
أن يلفت انتباه الإدارة الأمريكية على الأقل الزعم بأن هذه الأسلحة قد لا
تكون مؤمّنة بشكل ملائم. وأحد هواجس واشنطن هو التهديد المتمثل في وصول
أسلحة نووية مسروقة إلى أيدي الإرهابيين.
يجب النظر إلى المغزى السياسي لهذه الخطوة الأوروبية في سياق سقوط
ائتلاف حكومة حزب العمل وحزبين مسيحيين آخرين في هولندا في العشرين من
فبراير، والذي جاء نتيجة للخلاف حول مطلب الناتو بتمديد الإسهام العسكري
الهولندي في الحرب في أفغانستان إلى ما بعد هذا العام.
إن أي حكومة جديدة من المتوقع لها أن تسحب هذه القوات التي ظلت جزءا
من تحالف الناتو في أفغانستان منذ عام 2006. وفي الوقت الراهن هناك 1600
فرد من القوات الهولندية في أفغانستان، وقد فقدت 21 فردا.
وفي ألمانيا، تواصل المستشارة أنجيلا ميركل مقاومتها للضغط الشعبي
المتزايد لسحب القوات الألمانية من أفغانستان. وقد قرر الكنديون أنهم
قاموا بما هو أكثر من نصيبهم المقرر في هذه الحرب، وحددوا عام 2011
للانسحاب. أما البريطانيون، كما هو معتاد، فيمتلكون أكبر قوة في أفغانستان
بعد القوة الأمريكية، ولكن قاعدتها السياسية في الداخل ضعيفة وتضعف أكثر.
وللفرنسيين قوات خاصة عاملة في أفغانستان. ولكن معظم مشاركة دول حلف شمال
الأطلسي هي مشاركة رمزية، ردا على إثارة الولايات المتحدة عام 2001 للمادة
رقم 5 من المعاهدة، التي تطالب بالدعم من كل الدول الأعضاء.
وتخصص الولايات المتحدة مبالغ مالية ضخمة إعانة لمشاركة دول الناتو
الصغيرة في أفغانستان، وتروج للموضوع على أنه عملية تحالف حقيقية، ولكن
الدعم الشعبي والسياسي من دول الناتو للحرب ضعيف ومتردد لأن قليلين هم من
يؤمنون بأن هذه المهمة واقعية. إن إقامة الديمقراطية في آسيا الوسطى
كوسيلة لتدمير القاعدة وإنهاء الإرهاب هو أمر ينظر إليه على أنه موضوع آخر
في التفكير الأمريكي الحالم.
وسيقدم الهجوم الذي قام به التحالف على منطقة مارجا، والذي بدأ في
الثالث عشر من فبراير، سيقدم للأمريكيين أنفسهم إجابة على ما إذا كانت
استراتيجية بيتريوس-ماكريستال في عهد أوباما سيكون لها جدواها.
إن الظروف مواتية بالقدر الذي يمكن توقعه، حيث إن طالبان لم تصنع
لنفسها شعبية في المنطقة، وقوات الناتو تحضر معها الأبهة المدنية الكاملة
لبرنامج الناتو الذي يفترض أنه سيمكن قوات الجيش الوطني الأفغاني المصاحبة
لقوات الناتو من تسلم السيطرة من التحالف وأن حامد كرزاي سيسيطر على
المنطقة ويحميها من عودة طالبان. وسيقومون بذلك عن طريق بناء حكومة ذات
كفاءة ومسؤولية هناك، بينما تقوم قوات الناتو بالانتقال إلى المنطقة
التالية التي في حاجة إلى الاستيلاء عليها وتهدئتها من قبل قوات المارينز
الأمريكية وحلفائها. ويعول باراك أوباما عليهم كثيرا، ولكن بالنسبة لهذا
المراقب المتشدد (كاتب المقال) يبدو كل شيء بعيدا كل البعد عن أن يكون
واقعيا.
في حالة فشل عميلة مارجا، سيكون الرئيس، من الناحية النظرية، في موقف
يسمح له بأن يقول إنه قد فعل كل ما في وسعه بالاستراتيجية التي أوصى بها
القادة العسكريون ورؤساؤهم في البنتاجون (والمعارضة الجمهورية). يستطيع أن
يقول إنها لم تُجدِ، وأنه بذلك يكون الوقت قد حان للبدء في سحب القوات
الأمريكية من أفغانستان الذي وعد به في نفس خطابه الذي أعلن فيه عن
استراتيجية "تعزيزات" بيتريوس-ماكريستال.
أقول، "من الناحية النظرية". أما في الممارسة السياسية، فمن المحتمل
أن يثبت استحالة الانسحاب لنفس سبب استحالة سحب ريتشارد نيكسون للقوات
الأمريكية من فيتنام إلى أن قام هنري كسنجر بالتفاوض على اتفاقية مع هانوي
كان كلا الطرفين يفهمان أنها مجرد "حفلة تنكرية" – والتي كان لدى الأغلبية
في الكونجرس الأمريكية الفطنة الكافية لفهمها. وعندما تسلق آخر أمريكي إلى
متن آخر مروحية أقلعت من فوق سطح السفارة الأمريكية في سايجون، كان الرئيس
جيرالد فورد قد أعلن سلفا أن الحرب قد "انتهت".
ربما يجد باراك أوباما أنه ليس من السهل إعلان أن الحرب قد انتهت،
وخاصة عندما يكون لديه كونجرس، سيرغي ويزبد عدد أكبر من أبطاله من الدمى
متحدثين عن "الاستسلام" للإرهاب. من المحتمل أن يكتشف أوباما، كما اكتشف
جورج بوش قبله، أنك عندما تقوم بتوسعة حربك، فإنك بذلك تكون قد أغلقت
الأبواب خلفك.
