بقلم - محمد بن سيف الرحبي
أكتب هنا عن عُمان الخير والإنجاز لا أخرى مرسومة بحبر الكآبة لا
تنبت إلا شرا ولا تعرف إلا الإخفاق بعد الإخفاق.. أكتب عن بلد يسمو
بأبنائه المثابرين لا بممتطي العربات الفارغة وهم يحملون الهواء في
قرباتهم وقرابينهم يصورون لنا بلادا من وحوش يأكلون بشرا يعيشون تحت خط
الفقر، وخطوط البؤس والظلم، والفشل المخيم على كل مشروع.
أكتب عن وطن ومواطن ينالون شهادات التقدير والتكريم لدى الزائر، وفي
المحافل الدولية، في قلبه التسامح وفي عقله التفكير بالعطاء، وفي دمه
أخلاق كريمة جعلت من الآخرين لسانا ينطق بحق ما شاهد لا بباطل ما قد يسمع
ويقرأ. وفيما كانت السهام تلاحق أعمالنا الدرامية كان مهرجان تلفزيون
الخليج يمنح الجهد العماني المتحقق بسواعد أبنائه عشر جوائز، وقيل أنها
الكعكة التي لا بد من تقاسمها وترضية المشاركين، بموازاة ذلك كانت
الفضائيات الأخرى الفائزة بجوائز أقل لأعمال دفعت فيها الملايين تنشر
صفحات من الفخر لأنها حصدت، ولم تقل أنها كعكة واجبة التقسيم.
قبل أيام فازت بلدية مسقط بجائزتين، المرتبة الثالثة عربيا في مجالي تجميل
المدن والبرمجيات والنظم، ومن يعرف عقليتنا وتواضعنا وهيبتنا سيدرك حتما
أننا لسنا من ذلك النوع الحريص على سماع المديح ونيل الجوائز والتباهي
كثيرا بما نحصد تماما كما لا نتباهى بما نعطي (إنسانيا) على امتداد
المحتاجين في شرق الأرض وغربها.. وسائر جهاتها وأصقاعها.
هو الهدوء (القيادي) الذي رسّخ ثقافته جلالة السلطان المعظم وقد كان سمة
من سماتنا كشعب ناضل وكافح من أجل كرامته فعرف ما معنى قطرات الدم والعرق،
وما معنى أن يعمل الإنسان من أجل نفسه لا من أجل نيل رضا الآخرين وأجرهم
الدنيوي.
قبل مهرجان الخريف الماضي كتبت مقالا كان موجها إلى وكيل وزارة السياحة
مباشرة، واعتقد البعض أنني كنت في أزمة أو دخلت في أزمة بسبب حدة المقال،
لكن النقد لا يعني إلا الغيرة على الوطن، والمسؤول يحتاج إلى الأقلام كي
تعينه على عمله لا تحطم مجاديفه.. وأحسبني أنني كنت من النوع الأول مهما
بلغت درجة الصراحة.
أمس الأول أعلن معرض برلين السياحي الدولي عن جوائزه، السلطنة جاءت الأولى
عالميا في السياحة البيئية، وثالثا كأفضل وجهة سياحية عربية، واختير
الجناح العماني كتاسع أفضل عارض على مستوى الشرق الأوسط.. وأيضا: فندق قصر
البستان ينال الجائزة الأولى للفنادق العالمية وفندق شيدي من أفضل خمسة
فنادق عربية.
كأني به معرض برلين يحتاج إلى السلطنة لكي يجاملها ويعطيها كل تلك
الجوائز، ببساطة يفرط في مصداقيته العالمية، ومكانة ألمانيا كدولة صناعية
كبرى من أجل خاطر دولة تقع على بعد آلاف الكيلومترات عنها لا تربطها بها
مصالح اقتصادية أو سياسية من النوع المؤثر في قرارات مصيرية ومصالح هيمنة.
لا نقول شكرا وزارة السياحة فهذه الخطوة واجبة من أجل عمان..
ولا نقول إلا:
هذه عمان التي يجب أن ننتظر إليها، ونبني على ما تقدم، ونتفانى لنراها
الأولى وليست الثانية، ولنا في مقالات كتبت في صحف عربية الأسبوع الماضي
ما يؤكد أن بلادنا بلاد تفاؤل وأمل ومحبة.. ولنا حق الفخر بها.
