رانج علاء الدين
لقد وعد الرئيس أوباما أن يسحب كل القوات الامريكية المقاتلة خارج
العراق بحلول اغسطس العام القادم. لكن توماس ريكس، من مجلة الفورين
بوليسي- السياسة الخارجية- كشف أن القيادة العسكرية الامريكية الاعلى في
العراق، الجنرال راي أوديرنو، طلب من أوباما الإبقاء على قوة مقاتلة في
شمال العراق لمدة تتجاوز أغسطس من العام القادم. ويشير طلب الجنرال الى أن
مدخلا مرنا بشكل ما هو الذي ستسير فيه الأمور بخصوص بقاء ما عدده بين 40
ألفا و50 ألفا من القوات. فلقد طلب الجنرال بقاء لواء مقاتل فى كركوك، تلك
المنطقة المختلطة العرقيات من السكان والغنية بالنفط والملتهبة بالصراعات.
لكن مشكلة كركوك لن تكون قد حلت قبل نهاية العام 2010 وربما لا يتم حلها
بالطرق السلمية على الاطلاق. ولننظر الى جزر فولكلاندز، المنطقة الغنية
بالنفط، والتى هي موضع معارك تاريخية منذ قرون، حيث الصراعات كلها تدور
حول حقوق التنقيب عن النفط، والتي تنظر الامم المتحدة في شأنها أيضا،
مثلها مثل كركوك. ولو أعطى الرئيس أوباما موافقته على طلب الجنرال ببقاء
لواء مقاتل في كركوك فإن ذلك قد يكون معناه الوجود الأمريكي العسكري طوال
الخمس سنوات القادمة أو العشر سنوات في العراق. وربما نشهد تواجدا أمريكيا
عسكريا في العراق على غرار الوجود العسكري الامريكي الدائم في كوريا
الجنوبية. وكلا الوجودين إجراء مضاد لتحركات كوريا الشمالية وايران( في
حالة العراق) وأيضا هو إجراء للحفاظ على السلام، حيث إن كركوك في يدها أن
تقر بقاء السلام أم انهياره في العراق ككل. لذا من الممكن أن يكون للوجود
العسكرى الامريكي المطول في اقليم كركوك وحوله ، بلااضافة الى المناطق
الشمالية مثل الموصل وديالى، حيث تسير دوريات امنية مشتركة أمريكية عربية
كردية، يمكن أن يكون له مبرراته حينئذ.
فكيف يمكن تسويق هذا في السياسات الامريكية والعراقية؟ كما وضحت في مقام
غير هذا، من المتوقع للقوات الامريكية المتبقية المتراوح عددها بين 35ألفا
و50 الفا، أن تقدم "النصح والمشورة" ، وتكون مستعدة دوما لو صارت الأمور
الى ما هو أسوأ، وهي وضعية أكثر قبولا لدى الرأي العام الأمريكي أو
العراقي من وضعية قوات مقاتلة، ومن ثم سيبدو الوجود الامريكي وجودا
عدوانيا، وانتدابا عسكريا. وربما يرحب العراقيون بذلك الوجود طالما أن
الأمريكيين يبقون أنفسهم بعيدا عن الحياة اليومية العراقية، ويظلون في
الخلف مع تولي القوات الامنية العراقية من شرطة وجيش دورا اكبر، بعد
تحسنها بالطبع. ولو تكلمنا من المنظور السياسي، لقلنا إنه سيكون هناك بين
السنة خاصة وهم الذين يخشون من نفوذ ايران المتزايد وسيطرة الشيعة على
السلطة، والتي بدورها تحتاج الى الوجود الامريكي وتراه ضروريا لها، سيكون
هناك بعض الإجراءات ضد القوى الأخرى والقوى الأجنبية التي تتمتع بمقدار ما
من السلطة التي هي ، حسب ما يراها السنة، أكبر من سلطاتهم .
إنه وقت الانتخابات في العراق، والدولة تمسك بتلابيبها الحملات
الانتخابية، مع استعداد الجميع للتصويت في أقل من عشرة أيام. ولهذا السبب،
تفعل الادارة الامريكية حسنا بانتظارها قبل أن تخرج علينا بشكل رسمي معلنة
تمديد الموعد النهائي لسحب القوات المقاتلة من العراق. ومن المحتمل أن
تنتظر امريكا لشهرين بعد الانتخابات حتى يكون اتخاذ إطار العمل السياسي في
العراق شكله الأخير. ولهذه الاسباب، من غير المحتمل أن يكون لإعلان امريكا
تمديد الموعد النهائي لسحب القوات المقاتلة من العراق أي أثر على
الانتخابات العراقية.