جوش ميتنيك
وسط الاحتجاجات الفلسطينية المتزايدة على القرار الاسرائيلي القاضي بإعلان ضريحين في مدينتين في الضفة الغربية موقعين أثريين اسرائيليين، عقدت الحكومة الفلسطينية اجتماعا تضامنيا يوم الإثنين الماضي في مدينة الخليل بالقرب من أحد الموقعين، وسط قلق متزايد من اندلاع انتفاضة أخرى. فالمصادمات لم تتوقف منذ أن أعلنت اسرائيل أن مقبرة مدينة الخليل ومقبرة راشيل في مدينة بيت لحم هما موقعان أثريان اسرائيليان.
و يرى منتقدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن هذا القرار يستدعي الى الذهن تصرفات وافعال مثيرة للجدل قامت بها إسرائيل قبل عقد من الزمان بالقرب من مواقع مقدسة لدى الفلسطينيين ساعدت في اندلاع شرارة موجات العنف- وأهم تلك الموجات كانت التظاهرات التي خرجت عام 2000 بعدما تصرف آرييل شارون تصرفات مماثلة لتلك المعاصرة، ما أشعل الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
لكن هل يشعل الخلاف صراعا جديدا؟ يقول الخبراء أن الخلاف الحالي ليس محفزا بما يكفي ليشعل صراعا ينتشر على نطاق واسع. كما أن السلطة التنفيذية الفلسطينية تقول إنها تفضل أن تبقي العنف تحت السيطرة. وعلى الرغم من الخطابية الفلسطينية التي تقول بضرورة حماية الضريحين من السطوة الاسرائيلية الغاشمة، لم تتحرك الجموع الفلسطينية بعد في اتجاه الدخول في حمى دينية.
لقد وضع نتانياهو الضريحين على قائمة المواقع الأثرية الإسرائيلية في آخر لحظة تحت ضغط من اليمين ومن الاحزاب الدينية السياسية في الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه. وفي الاجتماع الوزاري التضامني الفلسطيني يوم الاثنين الماضي أعلن أحد الوزراء أنهم لن يسمحوا لإسرائيل أن تسرق التاريخ الفلسطيني وأنه ستكون هناك خطوات لإجبار اسرائيل على التراجع عن هذا القرار.
وفي يوم الأحد الماضي أصيب أكثر من عشرة فلسطينيين وأربعة من رجال الشرطة الإسرائيليين فى مصادمات بين الطرفين اندلعت في مدينة الخليل وفي قرية مجاورة يهيمن عليها العرب في القدس الشرقية. لكن الاحتدام الذي استمر لأربع ساعات بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين المتظاهرين والذين احتموا داخل المسجد الأقصى انتهى بسلام. ومايزال الرئيس الفلسطيني محمود عباس يفضل المفاوضات على اللجوء لأعمال العنف كحل لكل شيء. لكن الخبراء يحذرون من أن اندلاع أعمال العنف يصعب التكهن بها، وأن أعمال العنف تندلع في الوقت الذي لا يتوقع أحد فيه اندلاعها.
كما أن غياب مفاوضات السلام له أثره على هذا الأمر، فهذا الغياب يحمل في طياته احتمال اندلاع اعمال العنف. فأعمال العنف التي اندلعت في 2000 أعقبت انهيار قمة كامب ديفيد، واليوم نجد أن المحادثات الآن لها قرابة عام ولم تنعقد. يقول قدورة فارس، عضو في فتح، " لا أحد يعرف متى يمكن أن ينفجر العنف، لكنه قادم." أما الاختلاف الرئيس لهذه المرة عن عام 2000 فهو أن القيادة الفلسطينية منقسمة بين عباس في الضفة الغربية وحماس في غزة، والتي دعت الى انتفاضة جديدة.
أما الضريح الذي في الخليل فهو مقبرة تضم رفات ثلاثة من القديسين اليهود أيام العهد القديم. وهذا الموقع به المساجد بجوار المعابد اليهودية، وكان مصدرا لأعمال العنف طوال معظم القرن الماضي. كما أن السيطرة على مدينة القدس القديمة هو في قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وهي سبب الكثير من الصراعات بين المسلمين والمسيحيين واليهود لأكثر من ألف عام.
ومن جانبها تصر اسرائيل على أن قرارها إعلان الضريحين موقعين أثريين هو من قبيل الحفاظ عليهما، وأن المدخل الى الضريحين لطالما كان مسموحا به لكل المسلمين والمسيحيين واليهود. لكن المسؤولين الفلسطينيين يتهمون اسرائيل بإثارة الصراع والاحتدامات من خلال السماح للمتطرفين اليهود بالدخول الى الضريحين.
ويتفق يوسي ألفير، مدير التحرير المشارك لصحيفة إسرائيلية فلسطينية مشتركة اسمها "الليمون المر" تصدر عبر الانترنت، متفق على أن مصدر الصراع هو سياسات الائتلاف الإسرائيلي الحاكم. وقال إن السلطة الفلسطينية تحاول الاستفادة من الموضوع من خلال تكثيف الضغط الدبلوماسي على اسرائيل .