بقلم - عيسى المسعودي
تولي الحكومة أهمية خاصة لتنفيذ خطط التعمين وإعطاء الأولوية للمواطن في الحصول على الوظيفة في مختلف القطاعات لذلك قامت خلال السنوات الماضية بتنفيذ العديد من الخطط والبرامج والندوات لتحقيق هذا الهدف وقد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال ولعل القطاع الخاص كان المستفيد الأكبر والذي استوعب العديد من الكوادر العمانية حيث نفذ وبالشراكة مع الحكومة العديد من برامج التدريب والتأهيل لمختلف الأعمال وفي أغلب القطاعات وهذه الخطوات الجميع أشاد بها خاصة وأنها مدروسة وتلبي احتياجات السوق العماني ليس هذا فقط بل تحرص الحكومة من خلال الوزارات المعنية على تنمية وتطوير الكوادر العمانية وإعطائها الفرصة في السلم الوظيفي وأيضا توفير كافة الأمور المتعلقة بالتحفيز والتشجيع والاستمرار في العمل والحمد لله نفتخر الآن بوجود العديد من الشباب العمانيين الذين أثبتوا جدارتهم بحيث تولوا أعلى المناصب في كثير من المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة.
ورغم هذا التطور والاهتمام من قبل الحكومة وعلى كافة المستويات نجد أن بعض المؤسسات لاتزال تفكر بالعقلية القديمة أو إذا صح التعبير «الثقافة القديمة» التي تولي الموظف الوافد الأهمية والتقدير خاصة فيما يتعلق بالحافز المادي الذي يعد من أولويات المرحلة الحالية في تحفيز الموظف واستمراره في العمل، فنجد الموظف العماني ورغم كفاءته وخبرته لا يحصل على نفس التقدير الذي يحصل عليه الموظف الوافد رغم كل ما نسمعه من تصريحات للمسؤولين في مختلف المناسبات بضرورة تقدير الموظف العماني الكفء وهذا الأسلوب يمكن قياسه على كافة المستويات بدءا من الموظف الصغير بالشركة مرورا بكافة المستويات والدرجات الوظيفية حتى الرئيس التنفيذي ! دون معرفة الأسباب الحقيقية سوى أنها من وجهة نظري ثقافة قديمة ترسخت لدى البعض وخاصة مجالس إدارات الشركات الذين هم المسؤولون عن اتخاذ مثل هذه القرارات.
لكن يبدو أن ثقافة الخجل والاستحياء مترسخة لدينا وقد تكون أحد الأسباب فيما ذكرنا، فالعمانيون وخاصة المسؤولين تجدهم يخجلون عندما يتحدثون مع جنسيات أخرى وبالتالي يوافقون بسرعة وبدون تردد حتى في حالة التفاوض على عقود العمل أو أية طلبات أخرى بينما لا يخجلون عندما يتفاوضون مع العماني بل العكس تجدهم يتحدثون بكل جرأة وفي خاطرهم يقولون «تراه العماني منا وفينا» وللأسف الشديد تجد أيضا الموظف العماني نفسه يخجل حتى من طرح متطلباته أمام المسؤول فهذا جزء من ثقافته وعاداته التي تعود عليها حتى أنه يعتقد أنها جزء من كرامته.
إننا عندما نتحدث عن هذا الموضوع ليس تحاملا على الموظف الوافد أو تنقيصا من عمله أو كفاءته فهو يستحق كل ما يقدم له من حوافز طالما أنه يحقق أهداف المؤسسة أو الجهة التي يعمل بها وإنما نتحدث عن العماني الذي يجب أن ينظر إليه بنظرة واقعية وعملية وضرورة أن يحصل على حقوقة الكاملة وأن تكون هناك مساواة وعدل في هذا الجانب وعلى المؤسسات وإداراتها أن تغير من سياساتها الحالية التي وللأسف فيها الكثير من المحاباة والتخبطات.
لقد شهدت الفترة الماضية طفرة كبيرة في موضوع الرواتب خاصة بعد قيام الحكومة بتنفيذ سياسات الخصخصة وظهور المؤسسات الخاصة الحكومية أو المؤسسات الخاصة وفي مختلف القطاعات ولعل عام 2008 كان العام السعيد للفرص والرواتب المغرية لكن للموظف الوافد فقط! حيث بقي الموظف العماني برواتب عادية جدا مقارنة بما يقدم للطرف الآخر والشواهد كثيرة، فمثلا رئيس تنفيذي عماني لشركة حكومية معروفة في السوق لا يتجاوز راتبه أكثر من 16 ألف ريال رغم أنها تحقق أرباحا تقدر بملايين الريالات وفي المقابل تجد مديرا عاما وافدا في شركة أخرى أيضا حكومية لا تحقق نفس الأداء أو الأرباح وراتبه يصل إلى الضعف مقارنة بالعماني ونفس هذا الموقف يتكرر في كثير من الشركات سواء الحكومية أو الخاصة، وفي مختلف القطاعات والمستويات الوظيفية وللأسف الشديد أن مثل هذه الخطوات تعد محبطة للموظف العماني المجد والذي يسعى لتحقيق الأفضل، فطالما أن الرؤساء التنفيذيين لا يتم تقديرهم بالشكل العلمي والصحيح .. فكيف يمكن أن يتم تقدير الموظف العادي الذي يجتهد ويعمل لتحقيق الرقي والأداء الجيد للشركة التي يعمل بها ؟!
إن العمل المؤسسي يحتاج إلى أسلوب علمي ومهني وحضاري في كيفية التعامل مع الموظفين وعلى كافة المستويات، فهذا الأسلوب هو الذي يساهم في تقدم ونجاح المؤسسات بحيث يكون مبنيا على المساواة والعدالة وعلى معايير وأسس وليس على أساس «هذا وافد وهذا عماني».