بقلم - عبدالرزاق الربيعي
قبل أسابيع اتصل بي صديق يعمل في حقل الترجمة يقيم في الولايات
المتحدة الأمريكية ليستفسر عن مؤتمر دولي حول الترجمة يقام في السلطنة
تتناقل أخباره الأوساط العلمية المهتمة، وحين طلبت منه توضيحا عن الجهة
التي ستقيم المؤتمر أجاب أنها جامعة السلطان قابوس، فسررت لهذا الخبر
وأسرفت في الحديث عن الجامعة وأنشطتها مما حفز صديقي للمشاركة في هذا
المؤتمر الذي هو «المؤتمر الدولي حول اللغة واللغويات والآداب والترجمة»
الذي حمل عنوان «تأصيل المهمش: نحو خارطة معرفية ذات حدود أوسع» والمؤتمر
كما تشير أهدافه «يلفت الانتباه إلى قضية مهمة وجوهرية وهي التركيز على
تشجيع البحث في الجوانب التي غالبا ما ينظر إليها على أنها «هامشية» بغية
استخلاص الدروس التي يمكن أن يكون لها تأثير على ما يحدث داخل الأطر
التقليدية المتعارف عليها للعلوم والمعارف، وفي نفس الوقت يهدف المؤتمر
إلى توسيع خارطة المعرفة وذلك بتوسيع الحدود التقليدية للعلوم والمعارف
بحثا عن كل جديد يمكن أن نتعلمه في المعارف المختلفة»وهي أهداف مهمة تدل
على معرفة بما يدور في العالم من مستجدات ورصانة علمية تتمتع بها الجهة
المنظمة. وحين بدأ المؤتمر الذي اختتم أمس الأول -الجمعة- فوجئت بأن عدد
المشاركين زاد على 70 باحثا قدموا من مختلف أنحاء العالم، وحين سألت صديقا
لي عن تحديد الجهة المنظمة فقيل لي إنه قسم اللغة الإنجليزية في كلية
الآداب والعلوم الاجتماعية بالجامعة.
فعقدت لساني الدهشة وتساءلت: وهل يستطيع قسم في كلية من كليات الجامعة أن
يقوم بتنظيم مؤتمر بهذا الحجم؟! وماذا عن الميزانية التي تقف حائلا بيننا
وبين عقد الكثير من الأنشطة والمؤتمرات؟ أجاب: إن المشاركين في مثل هذه
المؤتمرات يتحملون تكاليف تذاكرهم ونفقات إقامتهم، وربما تحملتها أيضا
المؤسسات العلمية التي يعملون بها من جامعات ومراكز بحوث، وما على الجهة
الداعية إلا المسائل التنظيمية وترتيب برنامج الفعالية والتواصل مع
الأطراف المشاركة وتنظيم جولة سياحية للضيوف وإقامة دعوة غداء وأشياء
شبيهة بهذا!!
قلت ما دامت المسائل بهذه «البساطة» وهذا اليسر ولا تصطدم بجدار الإمكانات
المادية التي يتذرع بها الكثيرون لِمّ لا تقوم بقية الأقسام وجامعات
السلطنة وكلياتها التي صارت تتكاثر يوما بعد آخر بفعاليات كهذه؟
أجاب: لا تظن أنها بهذه البساطة، فالمؤتمرات تحتاج الى عقلية تنظيمية وجهد
وتعب ونية صادقة واندفاع نحو المعرفة والبحث، وهذه يستصعبها البعض ممن
اكتفوا بدس رؤوسهم بين كراريس الطلبة والقاء المحاضرات وانتظار نهاية
الدوام للعودة إلى البيوت آمنين مطمئنين بلا صداع ثقافي !
