بقلم - محمد بن علي البلوشي
في الأسبوع الماضي بعث إلي أحد الرفاق بأن أتابع ردود الأفعال حول
مقالي الأخير "أغنية في بطيخة الديمقراطية" والذي كما يبدو قد أثار ردود
أفعال لمن لا يحبون المعارضة في الآراء وهي إحدى قيم الديمقراطية وآداب
التعبير التي يجب أن نحترمها طالما أننا نسم أنفسنا بالمثقفين أو العالمين
بغياهب الأمور في كثير من الأشياء.
ولن أتمكن من الرد على كل ما قيل فلا أستطيع أن أعلق على الشتائم
والاتهامات الجاهزة من أبطال المنتديات المحلية إلا أنني سأعلق على ما
طرحه أخي وزميلي الإعلامي المتألق دوما محمد اليحيائي الذي اتفق معه تارة
وأختلف معه تارة أخرى وهو الذي حينما دخلت عالم الصحافة وجدت منه التشجيع
وفتح لنا طرقا جديدة في المهنة لا أنكرها فهو بخبرته ظل دوما دافعا لنا
ومحمسا وهو الذي أفتخر دوما بأنه منارة عمانية إعلامية في سماء قناة الحرة
أو في واشنطن.. لا أقول ذلك مدحا وإنما اعترافا بالحق والفضل وهو في غنى
عنه.
الحديث عن الديمقراطية هو حديث شائك ومتشعب لكنني أؤمن بقناعاتي وأصنف
نفسي بأنني واقعيا أكثر مني طوباوية لقد مكثت في الولايات المتحدة 21 يوما
وكانت أول زيارة لي لدولة غربية وقد تمكنت من خلال هذه الزيارة أن أستفيد
كثيرا من تجربة الولايات المتحدة في الديمقراطية على مستوى العالم والتي
لا تضاهيها أي تجربة أخرى حتى الدول الأوروبية لا تضاهي الولايات المتحدة
في هذه التجربة ورأيت كيف تم تصميم هذا الدستور وهذه الديمقراطية الرائعة
حقا للأمريكيين وكنت أقول في نفسي دائما متى سنصل في مستواهم.
بالنسبة إلينا فإن أحاديث الديمقراطية تأخذ من زاوية واحدة لا تنتبه
لمعطيات الواقع الاجتماعي لنا كعمانيين.. بمعنى هل الأرضية لدينا مهيأة
اجتماعيا للتعامل مع الديمقراطية بإيجابية لن أقارن بين الديمقراطية
الأمريكية فهي بعيدة عنا بل سأقترب إلى دولة جارة مثل إيران هل نستطيع أن
نسايرها كحركة بناء وإيجاد مؤسسات يستطيع المواطنون بناءها بيد واحدة؟
حتما لا.. وقلت كثيرا لأخي محمد أن 40 عاما ليست كافية لبناء عقول الناس
في رسم طموحاتنا كجيل واع ومثقف لما نريده للمجتمع أن يكون فذلك قفز على
معطياته.
لطالما كنت من أشد المؤيدين بأنه يجب أن يأتي التغيير من البناء الفوقي أي
من السلطة تغير أشبه ما يكون بكرة من لهب تحرق الواقع وتنشئ الواقع
الخيالي الذي نريده هو أشبه ما بين الطريق إلى الشيوعية من خلال
الاشتراكية التي اعتبرت مرحلة بناء للوصول إلى مجتمع شيوعي بلا سلطة يتولى
الشعب بأكمله السلطة فيه.. أطرح ذلك كمقارنة فما كان منها سوى السقوط
والاندثار.
ولا أنكر أن الحراك الذي يحدث حاليا في المنطقة هو من التداعيات الإيجابية
للإدارة الأمريكية السابقة بالرغم من مساوئها في حرب العراق فأنا أكره
نظام صدام الديكتاتوري وبالرغم من ذلك لست مؤيدا للحرب على العراق ومؤيد
بكل قوة لبناء ديمقراطية في أفغانستان حتى لا تتحول إلى كهف للإرهاب
الديني المتشدد.
الديمقراطية لا ينبغي أن نأخذها في إطار عاطفي فلا يمكن لمجتمعنا أن
يتعاطى ويتكيف مع الديمقراطية التي ننشدها ونعتقد أننا وصلنا لمرحلة
نستطيع فيها أن نتحدث عن الديمقراطية وبنائها في البلاد.. فليأخذ الحراك
مساره بهدوء دون حرق ودون عجلة ولنبدأ بالحوار المتزن الذي هو أول الطرق
إلى الديمقراطية.
وأما زرع البصل والطماط فهي مهنة أتشرف بها كوني فلاحا ابن فلاح
ليستفيد منها الآخرون أما الشامتون فهم الذين لا يزرعون سوى بذور الفرقة
والشتات.