توماس فريدمان
كان أول المساء فى مبنى الكابيتول، وكنت جالسا مع السيناتور ليندسي جراهام، الجمهوري من ولاية ساوث كارولينا، والذي يحاول،بالاضافة الى جون كاري وجو ليبرمان، أن يصيغوا قانونا جديدا للطاقة- قانونا يمكنه أن يفوز بتأييد ستين صوتا. والشيق في أمر ليندسي جراهام هو أنه كان مستعدا – وبكل شجاعة من وجهة نظري- لأن يفارق الاجماع الجمهوري المسيطر على أن سياسة الطاقة الوحيدة التي تحتاجها امريكا هي مواصلة التنقيب عن النفط.
وعندما سألت السيناتور عن الرياح التي حولته عن مساره، جاوبني إجابة قصيرة قائلا:" هي السياسات والوظائف والميراث" ولو بدأنا بالسياسات، لوجدنا أن الحزب الجمهوري اليوم يعاني من مشكلة تواصل كبيرة مع مكونين مهمين من جماهير الناخبين، وهما الأمريكيون من أصول أسبانية والشباب الأمريكي، حسب ما قال لي السيناتور. وقال:" لقد ذهبت الى ما يكفي من الحرم الجامعي لأعرف أنه لو كان الشاب في الثلاثين او أصغر من ذلك، فلن تصبح مسألة المناخ مسألة جدل، هي تصير قيمة. فهؤلاء الشباب يكبرون ويتفتح وعيهم على إعادة التدوير والحساسية تجاه البيئة. وهؤلاء الشباب لم يتم عمل غسيل مخ لهم. ومن وجهة نظر جمهورية، علينا أن نستغل ذلك ونتبناه، والا نقلل من هؤلاء الشباب. يمكن أن يكون هناك جدل رائع حول علم تغير المناخ، لكن عندما نقول أن هؤلاء الذين يصدقون أن هناك تغير مناخي يلبسون الوهم والخديعة، نحن نضع مستقبل الحزب في خطر. يمكن أن يكون هناك خلاف مشروع حول كيفية حل مشكلة الهجرة، لكن عندما نركز على الأسماء الأخيرة (اللقب) للأشخاص،ستتجاوزنا الديموغرافيا (التركيبة السكانية)."
لذا كان مدخل السيناتور جراهام للالتفاف حول وضعيته هو المحافظة في توجهه السياسي : تمثلت في تجنب الحديث في "التغير المناخي"، والذي لا يصدق الكثيرون فى اليمين وجوده. وبدلا من الحديث في التغير المناخي ( على الجمهوري حسب رأي جراهام )أن يؤطر تحدي الطاقة بإطار الحاجة الى "التخلص من التلوث الكاربوني" لتصبح امريكا " مستقلة في مصادر الطاقة" و لتتمكن أمريكا من "إيجاد المزيد من الوظائف الجيدة والصناعات الجديدة لسكان ساوث كارولينا". وهو يقترح "وضع تسعيرة على الكربون"، بالبدء بضريبة مركزة جدا على انبعاثات الكربون، كمقابل لبرنامج عمل سقف لانبعاثات الكربون المسموح بها ودفع ضريبة عن التجاوزات، حتى تتمكن (الدولة) من حماية كل من المستهلك والصناعات للاستثمار في منتجات الطاقة الجديدة النظيفة وشرائها. والسيناتور يضع في حسبانه الطاقه النووية و يصر على السماح بالمزيد من عمليات التنقيب عن النفط والغاز بعيدا عن اليابسة لتزويد أمريكا بالمزيد من المصادر المحلية، مع عبور أمريكا الى اقتصاد طاقة نظيفة جديدة.
فنظام وضع سقف لانبعاثات الكربون وفرض ضريبة على التجاوزات كما نعرفه مات، لكن مسألة تنظيف الهواء من الملوثات واستقلال الطاقة يجب ألا يموتا- لكن لن يكون هناك استقلال في الطاقة دون فرض ضريبة على الكربون، حسبما يرى جراهام. هو يقول:" التكنولوجيا لا معنى لها دون وضع تسعيرة على الكربون. والطاقة النووية هي رهان على هواء أنظف. والرياح والطاقة الشمسية هما رهان على هواء أنظف. ويمكن المراهنة بتلك المراهنات بافتراض أن تنظيف الهواء سيصير أكثر ربحية من تركه ملوثا، وهو الطريقة الوحيدة التى سيكون بها ذلك هي أن تقوم الحكومة بإبراز العصا- وليس تقديم الجزرة فقط. فاقتصاد المستقبل في أمريكا والوظائف سيرتبطان بتنظيف الهواء، وفي عملية تنظيف الهواء ستصبح أمريكا مستقلة في الطاقة، وسيتعزز أمنها القومي كثيرا. حسبما يرى جراهام ، والذي يذكرنا باننا " أكثر اعتمادا اليوم على النفط الأجنبي عما كنا عليه بعد 11 سبتمبر. وهذه ممارسة سياسية مريضة، وكل عضو في الكونجرس مسؤول عنها." يقول السيناتور:" هذا ليس من أجل الجيل القادم فقط، فطالما نتحدث عن المستقبل، ونسينا من يعيش في الراهن، لن يكون هناك مستقبل من المنظور السياسي. فعلينا حمل الناس ممن يعيشون في الحاضر على الاتجاه نحو المستقبل، وأنا أقول لناخبي: لو حاولنا تنظيف الهواء وتحقيق الاستقلال في الطاقة، سنوجد المزيد من الوظائف بشكل أكبر بكثير مما يمكنني فعله في هذا الصدد وأنا سيناتور."
فما هو أكثر شيء سيساعد السيناتور جراهام في استقطاب زملائه من الجمهوريين الى تياره الجديد؟ الاجابة هي لوبي المال والأعمال. هو يقول:" يجب أن تقول غرفة التجارة والرابطة الوطنية للمصنعين لزملائي في الجمهوري أنه لا بأس من تسعير الكربون، لو أن هذا تم بحنكة." وبالتأكيد ستصيب استراتيجية جراهام الكثير من أنصار البيئة لوعة الكبد. فأنا لا أتفق معه في كل نقطة. لكن، لو يصير هناك قانون للطاقة النظيفة، سيضطر أنصار البيئة – الخضر- والديمقراطيون أن يستقطبوا بعض الجمهوريين. ويقول جراهام إنه مستعد أن يلتقي مع هؤلاء في منطقة وسط. هو يقول:" علينا أن نبدأ. لأنه حالما فعلنا ذلك، سيتبنى كل رئيس تنفيذي استراتيجية كربون، بغض النظر عما يتطلبه القانون في الواقع." أما بالنسبة لهؤلاء الجمهوريين الذين يعتقدون أن السيناتور جراهام خاسر، يقول السيناتورلهم أن يفكروا مجددا. هو يقول:" ما هي وجهة نظرنا كحزب من الكربون؟ هل نحن الحزب المساند لملوثات الكربون للأبد وبلا حد؟ إن تسعير الكربون وفرض ضريبة على التجاوزات فيه هو المفتاح الى الاستقلال في الطاقة، ما الفائدة الجانبية فهي أن ينظر الينا الشباب الأمريكي بشكل مختلف."